للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أسرَى البُغاةِ:

اتَّفقَ الفُقهاءُ على أنَّ أهلَ العَدلِ إذا أسَرُوا أحَدًا مِنْ أهلِ البغيِ وانكَشفَتِ الحَربُ وتَفرَّقوا ولم يَكنْ لهم شَوكةٌ فإنه لا يَجوزُ قَتلُ الأسيرِ.

إلا أنَّ للفُقهاءِ تَفصيلًا في أسرَى البُغاةِ، ما الذي يَجوزُ أنْ يُفعلَ فيهم قبلَ ذلكَ؟ وهل يُقتلونَ إذا كانَ لهم فِئةٌ ومَنعةٌ؟ أم لا يَجوزُ قتلُهم بحالٍ؟

فذهَبَ الحَنفيةُ إلى لا يَجوزُ قتلُ الأسيرِ إذا لم تَكنْ لهم فِئةٌ، فإنْ كانَ لهم فِئةٌ فالإمامُ مُخيَّرٌ بينَ حَبسِه وقَتلِه.

قالَ الإمامُ الكاسانِيُّ : وأما أسيرُهم فإنْ شاءَ الإمامُ قتَلَه استِئصالًا لشَأفتِهم، وإنْ شاءَ حبَسَه لاندِفاعِ شَرِّه بالأسرِ والحَبسِ، وإنْ لم يَكنْ لهم فِئةٌ يَتحيَّزونَ إليها لم يُتبَعْ مُدبِرُهم ولم يُجهَزْ على جَريحِهم ولم يُقتلْ أسيرُهم؛ لوُقوعِ الأمنِ عن شَرِّهم عندَ انعِدامِ الفِئةِ (١).

وذهَبَ جُمهورُ الفُقهاءِ المالِكيةُ في المَذهبِ والشافِعيةُ والحَنابلةُ إلى أنه لا يَجوزُ قتلُ أسيرِهم.

قالَ المالِكيةُ: ولا يُقتلُ أسيرُهم، ولا يُتبَعُ مُنهزِمُهم، ولا يُذفَّفُ على جَريحِهم، ولا تُسبَى ذَرارِيهم ولا أموالُهم (٢).

وقالَ الشافِعيةُ: وإنْ أسَرَ أهلُ العَدلِ مِنْ أهلِ البَغيِ حُرًّا بالِغًا فإنْ كانَ شابًّا جَلدًا .. فإنَّ للإمامِ أنْ يَحبسَه ما دامَتِ الحَربُ قائِمةً إنْ لم يَرجعْ إلى


(١) «بدائع الصنائع» (٧/ ١٤١)، و «الجوهرة النيرة» (٦/ ٣٤٢).
(٢) «الكافي» ص (٢٢٢)، و «التاج والإكليل» (٥/ ٣٠٤)، و «تحبير المختصر» (٥/ ٣١٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>