للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سائرُ أهلِ العِلمِ هذا القَولَ وقالُوا: لو وضَعَتْ بعدَ ساعةٍ مِنْ وَفاةِ زَوجِها حَلَّ لها أنْ تَتزوجَ، ولكنْ لا يَطؤُها زَوجُها حتَّى تَطهرَ مِنْ نِفاسِها وتَغتسلَ؛ وذلكَ لقَولِ اللهِ تعالَى: ﴿وَأُولَاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ﴾ [الطلاق: ٤] (١).

القِسمُ الثاني: انقِضاءُ العدَّةِ بالقُروءِ (الحَيْض أو الطُّهْر):

أجمَعَ أهلُ العِلمِ على أنَّ المَرأةَ إذا كانَتْ مِنْ ذَواتِ الحَيضِ فإنَّ عدَّتَها ثَلاثةُ قُروءٍ؛ لقَولِه تعالَى: ﴿وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ﴾ [البقرة: ٢٢٨].

ولا خِلافَ بينَ فُقهاءِ السلَفِ والخلَفِ على وُقوعِ اسمِ الأقراءِ على الطُّهرِ والحَيضِ؛ لأنَّ اللَّفظَ لَو لَم يَكنْ مُحتمِلًا لهُمَا لِمَا تأوَّلَه السَّلفُ عَليهِما؛ لأنهم أهلُ اللُّغةِ والمَعرفةِ بمَعاني الأسماءِ وما يَتصرَّفُ عَليهِ المَعاني مِنْ العِباراتِ، فلمَّا تَأوَّلَها فَريقٌ على الحَيضِ وآخرُونَ على الأطهارِ عَلِمْنا وُقوعَ الاسمِ عَليهمَا، ومِن جِهةٍ أُخرَى أنَّ هذا الاختِلافَ قَدْ كانَ شائِعًا بينَهم مُستفيضًا، ولَم يُنكِرْ واحِدٌ مِنهُم على مُخالِفيهِ في مَقالتِه، بل سوَّغَ له القَولَ فيه، فدَلَّ ذلكَ على احتِمالِ اللَّفظِ المَعنيَينِ وتَسويغِ الاجتهادِ فيه (٢).


(١) «المغني» (٨/ ٩٥).
(٢) «أحكام القرآن» للجصاص (٢/ ٥٥، ٥٦)، وقالَ ابنُ بطَّالٍ : لم يَختلفْ أهلُ اللُّغةِ أنَّ العرَبَ تُسمِّي الحيضَ قُرءًا، وتُسمِّي الطهرَ قُرءًا، وتُسمِّي الوقتَ الذي يَجمعُ الحيضَ والطهرَ قُرءًا، فلما احتَملَتِ اللفظةُ هذهِ الوجوهَ في اللغةِ وجَبَ أنْ يُطلبَ الدليلُ على مُرادِ اللهِ بقولِه: ﴿ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ﴾ [البقرة: ٢٢٨] «شرح صحيح البخاري» لابن بطال (٧/ ٤٨٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>