للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وبِهذا تتَّفقُ معانِي أحَاديثِ النَّبيِّ ، وأمَّا إذا أخرَها لِسَببٍ يَقتَضِي التَّأخيرَ، مثلَ المُتَيَمِّمِ، عادتُه إنَّما يُؤخِّرُها لِيُصلِّيَ آخر الوقتِ بِوُضُوءٍ، والمُنفرِدُ يُؤخِّرُها حتى يُصلِّيَ آخر الوقتِ في جَمَاعةٍ، أو أن يقدِرَ على الصَّلاةِ آخر الوقتِ قائِمًا، وفِي أوَّلِ الوقتِ لا يقدِرُ إلَّا قَاعِدًا، ونحوِ ذلك ممَّا يَكونُ فيهِ فَضيلَةٌ تَزيدُ على الصَّلَاةِ في أَّولِ الوقتِ، فَالتَّأخِيرُ لِذَلك أفضَلُ، واللهُ أعلَمُ (١).

مَبدأُ وقتِ الظُّهرِ ونِهايتُه:

أَجمعَ أهلُ العِلمِ على أنَّ أوَّلُ وقتِ الظُّهرِ إذا زَالَتِ الشَّمسُ، قالَه ابنُ المُنذرِ وابنُ عَبد البرِّ وغيرُهما كَثِيرونَ.

قالَ الإمامُ ابنُ المُنذرِ : أجمعَ أهلُ العَلمِ على أنَّ أوَّلَ وقتِ الظُّهرِ زَوَالُ الشَّمسِ (٢).

وقالَ الإمامُ ابنُ عَبد البرِّ : أجمعَ عُلماءُ المُسلِمينَ في كلِّ عَصرٍ وفي كلِّ مِصرٍ فيما بلغَنَا عنهُم أنَّ أوَّلَ وقتِ الظُّهرِ زَوَالُ الشَّمسِ عن كَبِدِ السَّماءِ ووَسطِ الفلَكِ، إِذا استُوقِنَ ذلك في الأرضِ بالتَّفقُدِ والتَّأمُّلِ، وذلك ابتِداءَ زيَادَةِ الظِّلِّ بعدَ تَناهِي نُقصَانِه في الشِّتاءِ والصِّيفِ جَميعًا، وإن كانَ الظِّلُ مُخَالِفًا في الصِّيفِ لهُ في الشِّتاءِ، وهَذا إجماعٌ منَ عُلماءِ المُسلمينَ كلِهم في أوَّلِ وقتِ الظُّهر، فَإذا تبيَّن زَوالُ الشَّمسِ بِما ذكَرنا أو بِغيرِهِ فقد


(١) «مجموع الفتاوى» (٢٢/ ٩٥، ٩٧).
(٢) «الإشراف» (١/ ٣٩٤)، و «الإجماع» (٤٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>