للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

السَّببُ الأولُ:

ألَّا يَكونَ الحَديثُ قد بلَغَه، ومَن لم يَبلُغْه الحَديثُ لم يُكلَّفْ أنْ يَكونَ عالِمًا بمُوجِبِه، وإذا لم يَكُنْ قد بلَغَه -وقد قالَ في تلك القَضيةِ بمُوجِبِ ظاهِرِ آيةٍ، أو حَديثٍ آخَرَ، أو بمُوجِبِ قياسٍ، أو مُوجِبِ استِصحابٍ- فقد يُوافِقُ ذلك الحَديثَ تارةً، ويُخالِفُه أُخرى.

وهذا السَّببُ هو الغالِبُ على أكثَرِ ما يُوجدُ من أَقوالِ السَّلفِ، مُخالِفًا لبَعضِ الأَحاديثِ.

فإنَّ الإِحاطةَ بحَديثِ رَسولِ اللهِ ، لم تَكُنْ لأحدٍ من الأُمةِ.

وقد كانَ النَّبيُّ يُحدِّثُ، أو يُفتي، أو يَقضي، أو يَفعلُ الشَّيءَ، فيَسمعُه أو يَراه مَنْ يَكونُ حاضِرًا، ويُبلِّغُه أُولئك أو بعضُهم لمَن يُبلِّغونَه، فيَنتَهي عِلمُ ذلك إلى مَنْ يَشاءُ اللهُ من العُلماءِ من الصَّحابةِ والتابِعينَ ومَن بعدَهم.

ثم في مَجلسٍ آخَرَ: قد يُحدِّثُ أو يُفتي أو يَقضي أو يَفعلُ شَيئًا، ويَشهَدُه بَعضُ من كانَ غائِبًا عن ذلك المَجلِس، ويُبلِّغونَه لمَن أمكَنَهم فيَكونُ عندَ هؤلاء من العِلمِ، ما ليسَ عندَ هؤلاء، وعندَ هؤلاء ما ليسَ عندَ هؤلاء.

وإنَّما يَتفاضَلُ العُلماءُ من الصَّحابةِ ومَن بعدَهم بكَثرةِ العِلمِ، أو جَودتِه.

وأمَّا إِحاطةُ واحِدٍ بجَميعِ حَديثِ رَسولِ اللهِ فهذا لا يُمكِنُ ادِّعاؤُه قَطُّ.

<<  <  ج: ص:  >  >>