للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقالَ شَيخُ الإسلامِ ابنُ تَيميَّةَ : تَصحُّ وتَكونُ جائِزةً ويُعمَلُ بالمَصلَحةِ؛ لأنَّ اللهَ تَعالى أمَرَ بنَبذِ العُهودِ المُطلَقةِ وإتمامِ المُؤقَّتةِ (١).

وذهَبَ الحَنفيةُ إلى جَوازِ العُقودِ المُطلَقةِ عن الوَقتِ ثم إنْ رأى الإمامُ بعدَ ذلك أنْ يَنقُضَها ويَنبِذَ إليهم فعَل؛ لأنَّه عَقدٌ غيرُ لازِمٍ (٢).

الشَّرطُ الرابِعُ: خُلُوُّ عَقدِ الهُدنةِ عن شَرطٍ فاسِدٍ:

نَصَّ فُقهاءُ المَذاهبِ الأربَعةِ على أنَّه يُشترطُ لصِحةِ عَقدِ الهُدنةِ مع الكُفارِ أنْ يَكونَ خاليًا عن شَرطٍ مُفسِدٍ، وهذه الشُّروطُ منها ما هو مُتفَقٌ على فَسادِه ومنها ما هو مُختلَفٌ فيه، وهي على التَّفصيلِ الآتي:

١ - ألَّا نَدفَعَ لهم مالًا على الهُدنةِ:

ذهَبَ جُمهورُ أهلِ العِلمِ إلى أنَّه إذا لم تَدعُ ضَرورةٌ لدَفعِ مالٍ إلى الكُفارِ على عَقدِ الهُدنةِ فلا يَجوزُ دَفعُ المالِ إليهم وإنْ دَعَتْ ضَرورةٌ جازَ عندَهم جَميعًا على تَفصيلٍ عندَهم، لكنَّ المالِكيةَ والشافِعيةَ يَرَونَ أنَّ هذا شَرطٌ فاسِدٌ إذا وقَعَ من غيرِ ضَرورةٍ، وإليكَ نَصَّ أقوالِهم.

قالَ المالِكيةُ: لا يَجوزُ شَرطُ أنْ يَأخذَ الكُفارُ من المُسلِمينَ مالًا على عَقدِ الهُدنةِ؛ لأنَّه عَكسُ مَصلَحةِ شَرعِ أخْذِ الجِزيةِ منهم إلا لخَوفٍ ممَّا هو أشَدُّ ضَررًا من دَفعِ المالِ لهم فيَجوزُ كاستِيلائِهم على المُسلِمينَ، فيَجوزُ دَفعُ المالِ لهم ولو لم يَكنْ ذلك جائِزًا ما شاوَر رَسولُ اللهِ في


(١) «الإنصاف» (٤/ ٢١٣).
(٢) «بدائع الصنائع» (٧/ ١٠٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>