للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويُشترَطُ تَكرُّرُ الاختِبارِ مَرَّتَيْنِ أو أكثَرَ بحيث يَغلِبُ على الظَّنِّ رُشدُه، فلا يَكفي مَرَّةٌ؛ لأنَّه قد يُصيبُ فيها، اتِّفاقًا (١).

وقال الحَنابِلةُ: وإنَّما يُعرَفُ رُشدُه باختِبارِه؛ لقَولِ اللهِ : ﴿وَابْتَلُوا الْيَتَامَى حَتَّى إِذَا بَلَغُوا النِّكَاحَ﴾ [النساء: ٦]، يَعني اختَبِروهم، كقَولِه : ﴿لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا﴾ [هود: ٧]، أي: يَختبِرَكم.

واختِبارُه بتَفويضِ التَّصرُّفاتِ التي يَتصرَّفُ فيها أمثالُه، فإنْ كان مِنْ أولادِ التُّجَّارِ فَوَّضَ إليه البَيعَ والشِّراءَ، فإذا تَكرَّرتْ منه ولَم يُغبَنْ ولَم يُضيِّعْ ما في يَدَيْه فهو رَشيدٌ.

وإنْ كان مِنْ أولادِ الدَّهاقينِ والكُبَراءِ الذين يُصانُ أمثالُهم عن الأسواقِ رُفِعتْ إليه نَفَقةٌ مُدَّةً لِيُنفِقَها في مَصالِحِه، فإنْ كان قَيِّمًا بذلك يَصرِفُها في مَواقِعِها ويَستَوفي على وَكيلِه ويَستَقصي عليه فهو رَشيدٌ.

والمَرأةُ يُفوَّضُ إليها ما يُفوَّضُ إلى رَبَّةِ البَيتِ مِنَ استِئجارِ الغَزَّالاتِ وتَوكيلِها في شِراءِ الكَتَّانِ وأشباهِ ذلك، فإنْ وُجِدتْ ضابِطةً لِما في يَدَيْها مُستَوفيةً مِنْ وَكيلِها فهي رَشيدةٌ (٢).

تَصرُّفاتُ الصَّبيِّ قبلَ البُلوغِ:

لا خِلافَ بينَ الفُقهاءِ على بُطلانِ تِصرُّفاتِ الصَّبيِّ غيرِ المُميِّزِ مِنْ بَيعٍ وشِراءٍ وغَيرِ ذلك؛ لأنَّ عِبارَتَه مُلغاةٌ لا اعتِدادَ بها شَرعًا، فلا تَصحُّ بها عِبادةٌ


(١) «روضة الطالبين» (٣/ ٣٨٤، ٣٨٥)، و «مغني المحتاج» (٣/ ١١٤، ١١٥)، و «نهاية المحتاج» (٤/ ٤١٦، ٤١٨)، و «النجم الوهاج» (٤/ ٤٠٧، ٤٠٩).
(٢) «المغني» (٤/ ٣٠٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>