للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أمَّا المُرتدُّ فقدِ اختَلفَ الفُقهاءُ في وُجوبِ الصَّلاةِ عليهِ.

فذَهب جُمهورُ الفُقهاءِ مِنْ الحَنفيَّةِ والمالِكيَّةِ والحَنابلَةِ في المَذهبِ إلى أنَّ الصَّلاةَ لا تَجِبُ على المُرتدِّ؛ فلا يَقضي ما فاتَه إذا رَجعَ إلى الإسلامِ؛ لأنَّه بالردَّةِ يَصيرُ كالكافرِ الأصليِّ.

وقد ذَهب الشَّافعيَّةُ والإمامُ أَحمدُ في رِوايةٍ إلى وُجوبِ قَضاءِ الصَّلاةِ على المُرتدِّ بعدَ إسلامِه؛ تَغليظًا عليه، ولأنَّه التَزمَها بالإسلامِ فلا تَسقطُ عنه بالجُحودِ، كحقِّ الآدَميِّ إذا أقَرَّ بمالٍ ثم ارتَدَّ؛ فلا يسقطُ عنهَ (١).

ب- العَقلُ:

اتَّفقَ الفُقهاءُ على أنَّه يُشترطُ لوُجوبِ الصَّلاةِ أن يَكونَ المَرءُ عاقِلًا، فلا تَجِبُ على المَجنونِ؛ لقولِ النَّبيِّ : «رُفِعَ القَلَمُ عَنْ ثَلاثةٍ: عَنِ النَّائِمِ حتى يَستَيقِظَ، وعنِ الصَّبِيِّ حتى يَحتَلِمَ، وعنِ المَجنُونِ حتى يَعقِلَ» (٢)، ولأنَّ مدَّتَه تَتَطاوَلُ فيَشُقُّ إيجابُ القَضاءِ عليه فعُفِيَ عنهُ.

إلَّا أنَّهم قد اختَلَفوا فيمَن غُطِّيَ عَقلُه أو سُتِرَ بمرَضٍ أو إغماءٍ أو دَواءٍ مُباحٍ:


(١) «حاشية ابن عابدين» (١/ ٢٣٤)، و «الشرح الصغير» (١/ ١٧٨)، و «التاج والإكليل» (٢/ ٤٤)، و «مُغني المحتاج» (١/ ١٣٠)، و «كفاية الأخيار» (١٢٥/ ١٢٦)، و «حاشية الجمل» (١/ ٢٨٧)، و «كشاف القناع» (١/ ٢٢٢، ٢٢٣)، و «منار السبيل» (١/ ٨٧)، و «الكافي» (١/ ٩٣)، و «المغني» (١/ ٥٠١، ٥٠٢).
(٢) حَدِيثٌ صَحِيحٌ: رواه أبو داود (٤٣٩٨، ٤٤٠١، ٤٤٠٣)، وابن ماجه (٢٠٤١)، وابن خزيمة في «صحيحه» (٢/ ١٠٢)، وابن حبَّان في «صحيحه» (١/ ٣٥٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>