للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقالَ الإمامُ ابنُ قُدامةَ : ولا حَدَّ على مَنْ لم يَعلمْ تَحريمَ الزِّنا.

قالَ عُمرُ وعُثمانُ وعليٌّ: «لا حَدَّ إلا على مَنْ عَلِمَه»، وبهذا قالَ عامَّةُ أهلِ العِلمِ، فإنِ ادَّعَى الزاني الجَهلَ بالتَّحريمِ وكانَ يَحتملُ أنْ يَجهلَه كحَديثِ العَهدِ بالإسلامِ والناشِئِ بباديَةٍ قُبِلَ منه؛ لأنه يَجوزُ أنْ يَكونَ صادِقًا، وإنْ كانَ ممَّن لا يَخفَى عليه ذلك كالمُسلمِ الناشئِ بينَ المُسلمينَ وأهلِ العِلمِ لم يُقبَلْ؛ لأنَّ تَحريمَ الزِّنا لا يَخفَى على مَنْ هو كذلكَ، فقدْ عُلِمَ كَذبُه، وإنِ ادَّعَى الجَهلَ بفَسادِ نكاحٍ باطِلٍ قُبِلَ قولُه؛ لأنَّ عُمرَ قَبِلَ قولَ المُدَّعي الجهلَ بتَحريمِ النكاحِ في العدَّةِ، ولأنَّ مِثلَ هذا يُجهلُ كثيرًا ويَخفى على غيرِ أهلِ العلمِ (١).

الشَّرطُ الرابعُ: عَدمُ الإكراهِ على الزِّنا:

أجمَعَ أهلُ العِلمِ على أنَّ المرأةَ إذا أُكرِهتْ على الزنا أنه لا حَدَّ عليها؛ لقولِ النبيِّ : «إنَّ اللهَ وضَعَ عن أمَّتِي الخطَأَ والنِّسيانَ وما استُكرِهوا عليهِ» (٢).

ولمَا روَى وائِلُ بنُ حُجرٍ قالَ: «استُكرِهَتِ امرأةٌ على عَهدِ رسولِ اللهِ فدَرَأَ عنها رسولُ اللهِ الحَدَّ وأقامَهُ على الذي أصابَها» (٣).


(١) «المغني» (٩/ ٥٦).
(٢) حَدِيثٌ صَحِيحٌ: تَقدَّمَ.
(٣) حَدِيثٌ ضَعِيفٌ: رواه الترمذي (١٤٥٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>