للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قالَ الواقِديُّ: كانَ مالِكٌ يَجلِسُ في مَنزِلِه على ضِجاعٍ ونَمارِقَ، مَطروحَةٍ يَمنْةً ويَسْرةً في سائرِ البَيتِ لمَن يَأتِي، وكانَ مَجلِسُه مَجلِسَ وَقارٍ وحِلمٍ، وكانَ مَهيبًا ونَبيلًا، ليسَ في مَجلِسِه شيءٌ من المِراءِ واللَّغطِ، وكانَ الغُرباءُ يَسأَلونَه عن الحَديثِ بعدَ الحَديثِ، وربَّما أذِنَ لبعضِهم فقرَأَ عليه، وكانَ له كاتِبٌ يُقالُ له: حَبيبٌ، قد نسَخَ كُتبَه ويَقرأُ للجَماعةِ، فإِذا أخطَأَ، فتَحَ عليه مالِكٌ، وكانَ ذلك قَليلًا (١).

عن بَقيةَ قالَ: ما بقِيَ على وجهِ الأَرضِ أَعلمُ بسُنةٍ ماضِيةٍ منك يا مالِكُ (٢).

٣ - عِزةُ نَفسِه وتَوقيرُه لحَديثِ النَّبيِّ -:

عن ابنِ أَبي أُويسٍ قالَ: كانَ مالكٌ إذا أَرادَ أن يُحدِّثَ، تَوضأَ، وجلَسَ على صَدرِ فِراشِه، وسرَّحَ لِحيتَه، وتَمكَّنَ من الجُلوسِ بوَقارٍ وهَيبةٍ، ثم حدَّثَ. فقيلَ له في ذلك، فقالَ: أُحبُّ أن أُعظِّمَ حَديثَ النَّبيِّ ، ولا أُحدِّثُ به إلا على طَهارةٍ مُتمكنًا، وكانَ يَكرهُ أنْ يُحدِّثَ في الطَّريقِ وهو قائمٌ أو مُستَعجلٌ، فقالَ: أُحبُّ أن يُفهمَ ما أُحدِّثُ به عن رَسولِ اللهِ (٣).


(١) «سير أعلام النبلاء» (٨/ ٧٩).
(٢) «سير أعلام النبلاء» (٨/ ٩٤).
(٣) «صفة الصفوة» (٢/ ١٧٨)، و «حلية الأولياء» (٦/ ٣٨٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>