وقالَ ابنُ هُبيرةَ ﵀: واختَلفُوا هل تَثبُتُ الحُدودُ في دارِ الحَربِ على مَنْ وُجِدت منه أسبابُها؟
فقالَ أحمدُ ومالِكٌ والشافِعيُّ: تَثبُتُ عليهم الحُدودُ إذا فعَلوا أسبابَها سَواءٌ كانَ في دارِ الحَربِ إمامٌ أو لم يَكنْ.
وقالَ أبو حَنيفةَ ﵀: لا تَثبُتُ إلا أنْ يَكونَ في دارِ الحَربِ إمامٌ.
ثم اختَلفَ مُوجِبو الحَدِّ على مَنْ أتى سَببَه في دارِ الحَربِ في استِيفائِه.
فقالَ مالِكٌ والشافِعيُّ: يُستوفَى في دارِ الحَربِ.
وقالَ أحمدُ ﵀: لا يُستوفَى في دارِ الحَربِ حتى يَرجِعَ إلى دارِ الإسلامِ.
وقالَ أبو حَنيفةَ ﵀: إنْ كانَ في دارِ الحَربِ إمامٌ مع جَيشٍ من المُسلِمينَ أقامَ عليهم الحُدودَ في عَسكرِهَ قبلَ القُفولِ؛ فإنْ كانَ هناك أميرُ سَريةٍ لمْ يُقمِ الحُدودَ؛ فإنْ لمْ يُقمِ الحُدودَ على مَنْ فعَلَ أسبابَها في دارِ الحَربِ حتى دخَلوا دارَ الإسلامِ؛ فإنَّها تَسقُطُ عنهم كلُّها، إلا القَتلَ؛ فإنَّه يَضمَنُ القاتِلُ الدِّيةَ في مالِه عَمدًا كانَ أو خَطأً (١).
إقامةُ الحُدودِ في الثُّغورِ:
قالَ ابنُ قُدامةَ ﵀: فَصلٌ: وتُقامُ الحُدودُ في الثُّغورِ بغيرِ خِلافٍ نَعلَمُه؛ لأنَّها من بِلادِ الإسلامِ، والحاجةُ داعيةٌ إلى زَجرِ أهلِها كالحاجةِ إلى