للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

التَّوكيلُ في قَضاءِ الدُّيونِ وإقباضِها:

اتَّفقَ فُقهاءُ المَذاهبِ الأربَعةِ على أنَّه يَصحُّ التَّوكيلُ في قَضاءِ الدُّيونِ التي لِلمُوكِّلِ على النَّاسِ؛ لأنَّ المُوكِّلَ قَدْ لا يَقدِرُ على الِاستِيفاءِ بنَفْسِه، فيَحتاجُ إلى التَّفويضِ إلى غيرِه، كالوَكيلِ بالبَيعِ والشِّراءِ وسائِر التَصرُّفاتِ، إلَّا أنَّ التَّوكيلَ بقَبضِ رَأْسِ مالِ السَّلَمِ وبَدَلِ الصَّرفِ إنَّما يَجوزُ في المَجلِسِ؛ لأنَّ المُوكِّلَ إنَّما يَملِكُ القَبضَ فيه لا في غيرِه.

وإذا قبَض الدَّينَ مِنْ الغَريمِ بَرِئَ الغَريمُ؛ لأنَّ القَبضَ الصَّحيحَ يُوجِبُ البَراءةَ، وتَجوزُ الوَكالةُ بقَضاءِ الدَّيْنِ؛ لأنَّه يَملِكُ القَضاءَ بنَفْسِه، وقَد لا يَتهيَّأ له القَضاءُ بنَفْسِه، فيَحتاجُ إلى التَّفويضِ إلى غيرِه (١).

وقالَ السُّغْديُّ الحَنَفيُّ : والوَكالةُ في قَضاءِ الدُّيونِ وقَبْضِها جائِزةٌ، وهي على ثَلاثةِ أوْجُهٍ:

أحَدُها: أنْ يَقولَ لِلوَكيلِ: وَكَّلتُكَ أنْ تَتَقاضَي دَيْني على فُلانٍ؛ فإنَّه وَكَيلٌ، ويَتَقاضَى دِينارًا واحِدًا؛ فإذا قَبَضَه فليسَ له أنْ يَتقاضَى له دِينارًا آخَرَ.

والآخَرُ: أنْ يَقولَ: وَكَّلتُكَ بتَقاضي دُيوني على فُلانٍ، فهو وَكيلٌ في جَميعِ دُيونِه عليه في الحالِ، وفيما يَحدُثُ له بعدَ الحالِ أنْ يَتقاضاها ويَقبِضَها دونَ غيرِه.


(١) «بدائع الصنائع» (٦/ ٢٢، ٢٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>