للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال بَعضُهم: إنْ كانَ بحيثُ لو وضَعَ رَجلٌ يَدَه في الماءِ عرَضًا لم يَنقطعْ جَريانُه فهو جارٍ، وإلا فلا.

ورُويَ عن أبي يُوسفَ: إنْ كانَ بحالٍ لو اغتَرَفَ إِنسانٌ الماءَ بكَفَّيه لم يَنحسِرْ وَجهُ الأرضِ بالاغتِرافِ فهو جارٍ وإلا فلا.

وقيلَ: ما يَعُدُّه الناسُ جاريًا فهو جارٍ، وما لا فلا، وهو أصَحُّ الأقاويلِ.

وإنْ كانَ الماءُ راكِدًا وكانَ قَليلًا يُنجَّسُ وإنْ كانَ كَثيرًا لا يُنجَّسُ (١).

وقد بيَّنتُ حَدَّ القَليلِ والكَثيرِ كما سبَقَ.

ثانيًا: مَذهبُ المالِكيةِ:

قالَ الدُّسوقيُّ: إنَّ الماءَ اليَسيرَ -وهو ما كانَ قَدرَ آنيةِ الوُضوءِ أو الغُسلِ فما دونَهما- إذا حلَّت فيه نَجاسةٌ قَليلةٌ كالقَطرةِ ولم تُغيِّرْه؛ فإنَّه يُكرهُ استِعمالُه في رَفعِ حَدثٍ أو في حُكمِ خَبثٍ ومُتوقِّفٌ على طَهورٍ كالطَّهارةِ المَسنونةِ والمُستحبةِ.

وأمَّا استِعمالُه في العاداتِ فلا كَراهةَ فيه، فالكَراهةُ خاصَّةٌ بما يَتوقفُ على طَهورٍ.

ثم قالَ: الحاصِلُ أنَّ الكَراهةَ مُقيَّدةٌ بقُيودٍ سَبعةٍ: أنْ يَكونَ الماءُ الذي حلَّت فيه النَّجاسةُ يَسيرًا، وأنْ تَكونَ النَّجاسةُ التي حلَّت فيه قَطرةً فما فوقَها، وألَّا تُغيِّرَه، وأنْ يُوجدَ غيرُه، وألَّا يَكونَ له مادةٌ كبِئرٍ، وألَّا يَكونَ


(١) «بدائع الصنائع» (١/ ٢٤٩، ٢٥٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>