للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٢ - مَنْ أكَل أو شَرِب ناسيًا:

اختَلفَ الفُقهاءُ فيمَن أكلَ أو شَرِب ناسيًا في نَهارِ رَمضانَ هل يَصحُّ صَومُه أو يَفسُدُ صَومُه ويَلزَمُه القَضاءُ؟

فذهَب جُمهورُ الفُقهاءِ الحَنفيَّةُ والشافِعيَّةُ والحَنابِلةُ إلى أنَّ صَومَه صَحيحٌ ولا يَجِبُ عليه القَضاءُ؛ لِقَولِ النَّبيِّ : «مَنْ نَسِيَ وهو صَائِمٌ فَأَكَلَ أو شَرِبَ فَلْيُتِمَّ صَوْمَهُ؛ فإنَّمَا أَطْعَمَهُ اللهُ وَسَقَاهُ» (١)، وفي لَفظٍ: «مَنْ أَكَلَ أو شَرِبَ نَاسِيًا فلا يُفْطِرْ؛ فإنَّمَا هو رِزْقٌ رَزَقَهُ اللهُ» (٢).

وعن أبي هُرَيرةَ : أنَّ النَّبيَّ قال: «مَنْ أَفْطَرَ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ نَاسِيًا فَلا قَضَاءَ عَلَيْهِ وَلا كَفَّارَةَ» (٣).

ولِغَيرِ ذلك من الأحاديثِ، ولأنَّها عِبادةٌ ذاتُ تَحليلٍ وتَحريمٍ، فكان في مَحظوراتِها ما يَختلِفُ عَمدُه وسَهوُه كالصَّلاةِ والحَجِّ (٤).

وذهَب المالِكيَّةُ إلى أنَّ مَنْ أكلَ أو شَرِب ناسيًا صَومُه يَفسُدُ، ويَجِبُ عليه القَضاءُ لِعُمومِ قَولِ اللهِ تَعالى: ﴿وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ﴾ وهذا لم يُتِمَّه، وقد حرَّم الإمساكَ، فأشبَهَ العامِدَ.


(١) رواه البخاري (١٩٣٣)، ومسلم (٨٠٩).
(٢) حَدِيثٌ صَحِيحٌ: رواه الترمذي (٧٢١)، والدارقطني (٢/ ١٨٠).
(٣) حَدِيثٌ حَسَنٌ: رواه ابن خزيمة في «صحيحه» (٣/ ٢٣٩)، وابن حبان في «صحيحه» (٨/ ٢٨٧).
(٤) «الاختيار» (١/ ٢٦٨)، و «شرح فتح القدير» (٢/ ٣٢٧)، و «مختصر القدروي» (٦٢)، و «المجموع» (٧/ ٥٣٦)، و «المغني» (٤/ ١٧١)، و «الإفصاح» (١/ ٣٩٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>