للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال الإمامُ الطَّحاويُّ : قال أصحابُنا: إذا ترَك المَبيتَ بالمُزدَلفةِ وتَعجَّلَ منها بلَيلٍ من غيرِ عُذرٍ فعليه دَمٌ، فإنْ كان من عُذرٍ فلا شيءَ عليه (١).

حُكمُ المُرورِ بالمُزدَلفةِ فقط لتَعذُّرِ التَّوقُّفِ فيها والرُّجوعِ إليها:

قبلَ الكَلامِ على هذه المَسألةِ لا بدَّ من الوُقوفِ على أقوالِ العُلماءِ في مِقدارِ المَبيتِ الواجبِ في المُزدَلفةِ، وقد اختلَف العُلماءُ كما سبَق في قَدرِ المَبيتِ الواجبِ في المُزدَلفةِ على أقوالٍ:

القولُ الأولُ: ذهَب المالِكيةُ إلى أنَّ النُّزولَ بالمُزدَلفةِ قَدرَ حطِّ الرِّحالِ في لَيلةِ النَّحرِ واجبٌ، والمَبيتَ بها سُنةٌ، فلو مرَّ بها، ولم يَنزِلْ وجَب عليه دَمٌ.

قال الإمامُ القَرافيُّ : ومَن مرَّ بها ولم يَنزِلْ فعليه دَمٌ، وإنْ نزَل ودفَع آخرَ اللَّيلِ أو وسَطَه أو أوَّلَه ولم يَدفعْ مع الإمامِ أجزَأه (٢).

القولُ الثاني: ذهَب الشافِعيةُ في المَذهبِ والحَنابلةُ إلى أنَّه يَجبُ الوُجودُ بمُزدَلفةَ بعدَ نصفِ اللَّيلِ، ولو ساعةً لَطيفةً: أي فَترةً من الزَمنِ ولو قَصيرةً، فلو دفَع قبلَ نصفِ اللَّيلِ ولم يَعدْ إليها فقد ترَك المَبيتَ، ولو عادَ قبلَ طُلوعِ الفجرِ أجزَأه المَبيتُ ولا شيءَ عليه.


(١) «مختصر اختلاف العلماء» (٢/ ١٤٨).
(٢) «الذخيرة» (٣/ ٢٦٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>