للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في البَيعِ، ولأنَّه أمينٌ في الشِّراءِ، فكانَ القَولُ قوله في قَدْرِ ثَمَنِ المُشترَى، كالمَضارِبِ، وكما لو قالَ له: اشترَى بألْفٍ، عندَ القاضي (١).

الحالةُ الرَّابِعةُ: الِاختِلافُ في الرَّدِّ:

اختَلفَ الفُقهاءُ فيما لو ادَّعى الوَكيلُ الرَّدَّ على المُوكِّلِ، فأنكَرَه المُوكِّلُ، بأنْ وُكِّلَ على بَيعِ شَيءٍ، أو على شِرائِه، فباعَه وقبَض ثَمَنَه وقالَ: دَفَعتُه إلى مُوكِّلي، أو قالَ: اشترَيتُه ودَفَعتُه إلى مُوكِّلي، فأنكَرَه المُوكِّلُ، فلا يَخلو حالُه مِنْ أمرَيْنِ:

الأوَّلُ: أنْ يَكونَ بغيرِ جُعْلٍ فيُقبَلَ قَولُ الوَكيلِ بيَمينِه عندَ جُمهورِ الفُقهاءِ الحَنفيَّةِ والمالِكيَّةِ والشَّافِعيَّةِ والحَنابِلةِ في المَذهبِ؛ لأنَّه أمينٌ قبَض المالَ لِنَفْعِ مالِكِه، فكانَ القَولُ قوله، كالمُودَعِ.

وفي قَولٍ لِلحَنابِلةِ: لا يُقبَلُ قَولُه إلَّا ببيِّنةٍ.

والآخَرُ: أنْ يَكونَ وَكيلًا بجُعلٍ، فاختَلفَ الفُقهاءُ فيه على قولَيْنِ:

القَولُ الأوَّلُ: ذهَب الحَنفيَّةُ والمالِكيَّةُ في المَشهورِ والشَّافِعيَّةُ في المَذهبِ والحَنابِلةُ في قَولٍ إلى أنَّ القولَ قَولُ الوَكيلِ مَع يَمينِه، سَواءٌ كانَ بجُعلٍ أو بغيرِ جُعلٍ؛ لأنَّه وَكيلٌ، فكَانَ القَولُ قوله؛ لأنَّه إنْ كانَ بجُعلٍ فقَد أخَذَ العَينَ بمَحضِ غَرَضِ المالِكِ فأشبَهَ المُودَعَ، وإنْ كانَ بجُعلٍ؛ فلأنَّه إنَّما أخَذَ العَينَ لِنَفْعِ المالِكِ، وانتِفاعُه إنَّما هو بالعَملِ في العَينِ، لا بالعَينِ نَفْسِها.


(١) «المغني» (٥/ ٦٠، ٦١)، و «الكافي» (٢/ ٢٥٤)، و «الشرح الكبير» (٥/ ٢٤٨)، و «المبدع» (٤/ ٣٨١)، و «الإنصاف» (٥/ ٣٩٧)، و «كشاف القناع» (٣/ ٥٦٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>