وسَببُ الخِلافِ هو: هل يَجوزُ أخذُ الأجرةِ على تعليمِ القرآنِ أو لا؟ فمَن قالَ: «لا يجوزُ أخذُ الأجرةِ على تعليمِ القُرآنِ» قالَ: لا يجوزُ أنْ يكونَ المهرُ تعليمَ القرآنِ، ومَن قالَ: «يجوزُ أخذُ الأجرةِ على تعليمِ القرآنِ» قالَ: يَجوزُ أنْ يكونَ المهرُ تعليمَ القرآنِ، وإلى هذا أشارَ ابنُ نُجيمٍ الحَنفيُّ حيثُ قالَ ﵀: الفتوَى اليومَ على جَوازِ الاستئجارِ لتَعليمِ القُرآنِ والفقهِ، فيَنبغي أنْ يَصحَّ تَسميتُه مَهرًا؛ لأنَّ ما جازَ أخذُ الأجرِ في مُقابلتِه مِنَ المَنافعِ جازَ تَسميتُه صَداقًا كمَا قدَّمْنا نقْلَه عنِ «البَدائِع»، ولهذا ذُكرَ في «فَتْح القَديرِ» هنا أنه لمَّا جوَّزَ الشافِعيُّ أخْذَ الأجرِ على تعليمِ القُرآنِ صحَّحَ تَسميتَه صَداقًا، فكذا نَقولُ يَلزمُ على المُفتى به صحةُ تسميتِه صداقًا، ولمْ أرَ أحَدًا تعرَّضَ لهُ، واللهُ الموفِّقُ للصوابِ (١).
هل تَصحُّ المَنفعةُ أو الخِدمةُ أنْ تَكونَ صَداقًا؟
اختَلفَ الفُقهاءُ في المَهرِ، هل يَصحُّ أنْ يكونَ منفعةً كتعليمِ صَنعةٍ أو فقهٍ أو حديثٍ أو خدمةٍ أم لا؟ على تَفصيلٍ عندَ الفقهاءِ.
قالَ الحَنفيةُ: يُشترطُ لصحةِ الصداقِ أنْ يكونَ مالًا مُتقوّمًا، وما ليسَ بمالٍ لا يكونُ صداقًا، فلا يَصحُّ الزواجُ على تعليمِ القرآنِ ولا الفقهِ ولا تعليمِ الحَلالِ والحرامِ؛ لِقولِه تعالَى: ﴿وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ أَنْ تَبْتَغُوا بِأَمْوَالِكُمْ﴾ [النساء: ٢٤]، شرَطَ أنْ يكونَ المهرُ مالًا، فما لا يكونُ مالًا لا يكونُ
(١) «البحر الرائق» (٣/ ١٦٨).
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute