للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الصُّورةُ الثَّانيةُ: أنْ يَكونَ وليًّا مِنْ طَرفٍ ووَكيلاً مِنْ طَرفٍ:

مِثلَ أنْ يُوكِّلَ الزَّوجُ وَليَّ الزَّوجةِ في قَبولِ النكاحِ له، فيَتولَّى الوليُّ طَرفيِ العَقدِ، أو يُوكِّلَ الوليُّ الزَّوجَ في النكاحِ.

اختَلفَ الفُقهاءُ في حُكمِ تَولِّي الزَّوجِ أو الوَليِّ طَرفيِ عَقدِ النكاحِ، بأنْ يُوكِّلَ الوَليُّ الزَّوجَ في النكاحِ، أو أنْ يُوكِّلَ الزوجُ الوليَّ في النكاحِ؟

فذهَبَ جُمهورُ الفُقهاءِ الحَنفيةُ والمالِكيةُ والشَّافعيةُ في مُقابِلِ الأصَحِّ والحَنابلةُ إلى أنه يَجوزُ لكُلِّ واحدٍ منهُما أنْ يَتولَّى طَرفي عَقدِ النكاحِ، بأنْ يكونَ وَليًّا مِنْ جانِبٍ ووَكيلًا مِنْ جانِبٍ آخَرَ؛ لأنه يَملكُ الإيجابَ والقَبولَ، فجازَ أنْ يَتولَّاهُما كما لو زوَّجَ أمَتَه عبْدَه الصَّغيرَ، ولأنه عَقدٌ وُجدَ فيه الإيجابُ مِنْ وليٍّ ثابتِ الوِلايةِ والقَبولُ مِنْ زَوجٍ هو أهلٌ للقَبولِ، فصَحَّ كما لو وُجِدَا مِنْ رَجلينِ.

ويَكفيهِ أنْ يقولَ: «زوَّجتُ نفسِي فُلانةَ، أو تزوَّجْتُ فلانةَ»، ولا يُشترطُ أنْ يقولَ: «قَبلْتُ نِكاحَها لنَفسِي»، وهو قولُ مالِكٍ وأبي حَنيفةَ والحَنابلةِ في أصَحِّ الوَجهينِ؛ لحَديثِ عبدِ الرَّحمنِ بنِ عَوفٍ، ولأنَّ إيجابَه يَتضمَّنُ القَبولَ، فأشبَهَ إذا تقدَّمَ الاستِدعاءُ، ولهذا قُلنَا: إذا قالَ لأمَتِه: «قد أَعتقْتُكِ وجَعلْتُ عِتقَكِ صَداقكِ» يَنعقدُ النكاحُ بمُجرَّدِ هذا القَولِ

وفي وَجهٍ للحَنابلةِ يَحتاجُ أنْ يقولَ: «زوَّجتُ نفسِي فُلانةَ، وقَبلْتُ هذا

<<  <  ج: ص:  >  >>