للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بَيعُ الخَمْرِ:

أجمَعَ أهلُ العِلمِ على أنَّه يَحرُمُ على المُسلِمِ بَيعُ الخَمرِ وأكْلُ ثَمَنِها؛ لقولِ اللَّهِ تَعالى: ﴿إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (٩٠)[المائدة: ٩٠]، فاللَّهُ تَعالى سَمَّاها رِجسًا، فيَقضي ذلك بنَجاسةِ العَينِ وفَسادِ الماليَّةِ، والتَّقوُّمِ، كما في المَيْتةِ والدَّمِ ولَحمِ الخِنزيرِ، وقد أمَرَ باجتِنابِها، فاقتَضى ذلك ألَّا يَجوزَ لِلمُسلِمِ الِاقتِرابُ مِنها على جِهةِ التَّموُّلِ بحالٍ (١).

ولِحَديثِ جابرِ بنِ عَبدِ اللَّهِ أنَّه سَمِعَ رَسولَ اللَّهِ يَقولُ عامَ الفَتحِ وهو بمَكَّةَ: «إنَّ اللَّهَ ورَسولَه حرَّم بَيعَ الخَمرِ والمَيْتةِ والخِنزيرِ والأصنامِ»، فقيلَ: يا رَسولَ اللَّهِ، أرَأيتَ شُحومَ المَيْتةِ فإنَّها يُطلَى بها السُّفُنُ ويُدهَنُ بها الجُلودُ ويَستَصبِحُ بها النَّاسُ، فقالَ: «لا، هو حَرامٌ»، ثم قالَ رَسولُ اللَّهِ عندَ ذلك: «قاتَلَ اللَّهُ اليَهودَ، إنَّ اللَّهَ لمَّا حرَّم شُحومَها جَمَلوه ثم باعوه فأكَلوا ثَمَنَه» (٢).

وعن ابنِ وَعلةَ المِصريِّ أنَّه سَألَ عَبدَ اللَّهِ بنَ عَبَّاسٍ عَمَّا يُعصَرُ مِنْ العِنَبِ، فقالَ ابنُ عَبَّاسٍ : أهدَى رَجُلٌ لِرَسولِ اللَّهِ رَاويةَ خَمْرٍ، فقالَ له رَسولُ اللَّهِ : «أما عَلِمتَ أنَّ اللَّهَ حرَّمها؟»، قالَ: لا؛ فسارَّه رَجُلٌ إلى جَنبِه، فقالَ له : «بمَ سارَرْتَه؟»،


(١) «المبسوط» (٢٤/ ٢٤).
(٢) رواه البخاري (٢١٢١)، ومسلم (١٥٨١).

<<  <  ج: ص:  >  >>