للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقالَ الإمامُ النَّوويُّ : لو وجَدَ ابنُ السَّبيلِ مَنْ يُقرِضُه كِفايتَه وله في بَلدِه وِفادةٌ لم يَلزمْه أنْ يَقترضَ منه، بل يَجوزُ صَرفُ الزَّكاةِ إليه (١).

إذا فَضَل مع ابنِ السَّبيلِ شَيءٌ هل يَسترجِعُ منه أو لا؟

اختَلفَ الفُقهاءُ في ابنِ السَّبيلِ إذا أخَذَ مالًا من الزَّكاةِ ثم رجَعَ إلى بَلدِه وقد فضَلَ منه شَيءٌ هل يَلزمُه أنْ يَردَّه أو لا؟

فذهَبَ الشافِعيةُ والحَنابِلةُ إلى أنَّ ابنَ السَّبيلِ إذا أخَذَ مالًا من الزَّكاةِ ثم رجَعَ إلى بَلدِه وقد فضَلَ معه شَيءٌ مما أخَذَ وجَبَ عليه أنْ يَردَّه.

قالَ الإمامُ النَّوويُّ : قالَ أَصحابُنا: وإذا رجَعَ ابنُ السَّبيلِ وقد فضَلَ معه شَيءٌ استُرجعَ منه سَواءٌ قتَرَ على نَفسِه أو لا.

وقيلَ: إنْ قتَرَ على نَفسِه بحيثُ لو لم يَقتُرْ لم يَبقَ لم يَرجعْ بالمُتبقِّي والمَذهبُ الأولُ، وسبَقَ في فَصلِ الغازِي بَيانُ هذا، وبَيانُ الفَرقِ بينَه وبينَ الغازِي؛ حيثُ لا يُسترجَعُ منه إذا قتَرَ؛ لأنَّ ما يَأخذُه الغازِي يَأخذُه عِوضًا لحاجَتِنا إليه، وقيامِه بالغَزوِ وقد فعَلَ ذلك، وابنُ السَّبيلِ يَأخذُه لحاجَتِه إلينا، وقد زالَت، قالَ أَصحابُنا وكذا يُستَردُّ منه المَركوبُ، هذا هو المَذهبُ، وحَكى الرافِعيُّ وَجهًا أنَّه لا يُستردُّ، وهو غَريبٌ ضَعيفٌ جِدًّا (٢).

وقالَ البُهوتيُّ : وإنْ فضَلَ مع ابنِ السَّبيلِ أو غازٍ أو غارِمٍ أو مُكاتَبٍ شَيءٌ رَدَّه، وغيرُهم يَتصرَّفُ بما شاءَ لمِلكِه له مُستقِرًّا (٣).


(١) «المجموع» (٧/ ٣٥٤).
(٢) «المجموع» (٧/ ٣٥٤).
(٣) «الروض المربع» (١/ ٤٠٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>