للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حُكمُ ضَمانِ العارِيةِ:

اتَّفقَ الفَقهاءُ على أنَّ المُستَعيرَ إذا تَعدَّى في العارِيةِ بأيِّ نوعٍ مِنْ أَنواعِ التَّعدِّي فإنَّه ضامنٌ لها لتَعدِّيه.

إلا أنَّ الفَقهاءَ اختلَفُوا فيما لو تلِفَت العارِيةُ في يدِ المُستَعيرِ مِنْ غيرِ تَعدٍّ منه ولا تَفريطٍ، هل يَضمنُها أم لا؟

فذهَبَ الشافِعيةُ والحَنابلةُ إلى أنَّ العارِيةَ في يدِ المُستَعيرِ مَضمونةٌ، سَواءٌ تَعدَّى فيها أم لَم يَتعدَّ، تلِفَت بتَفريطٍ منه أو لا، وسَواءٌ شرَطَ ضَمانَها أم لا؛ لِمَا رُويَ عن أُميَّةَ بنِ صَفوانَ بنِ أُميَّةَ عن أَبيه أنَّ رَسولَ اللهِ استَعارَ منه يومَ حُنينٍ أَدراعًا، فقالَ: أَغَصبًا يا مُحمدُ؟ قالَ: بلْ عارِيةٌ مَضمونةٌ. قالَ: فضاعَ بعضُها فعرَضَ عليه رَسولُ اللهِ أنْ يُضمِّنَها له، قالَ: «أنا اليومَ يا رَسولَ اللهِ في الإِسلامِ أَرغبُ» (١). ولأنَّه مالٌ


(١) رواه أبو داود (٣٥٦٢، ٣٥٦٣)، والنسائي في «الكبرى» (٥٧٧٩)، والدارقطني (٣/ ٣٩)، والحاكم (٢/ ٥٤)، والبيهقي في «الكبرى» (٦/ ٨٩)، والضياء في «المختارة» (٨/ ٢٣)، والإمام أحمد في «مسنده» (١٥٣٣٧، ٢٧٦٧٧)، من طريقِ يزيدِ بنِ هارونَ عن عبدِ العزيزِ بنِ رفيعٍ عن أميةَ بنِ صفوانَ بنِ أميةَ عن أبيه أنَّ رسولَ اللهِ استَعارَ منه أَدرعًا يومَ حُنَينٍ، فقالَ: أغصبٌ يا مُحمدُ؟ فقالَ: فذكَرَه.
وهذا إِسنادٌ ضَعيفٌ فيه أُمَيَّةُ هذا، قالَ الحافظُ فيه: مقبولٌ.
وشريكٌ وهو ابنُ عبدِ اللهِ القاضي وهو سيئُ الحفظِ، قالَ الحافظُ فيه: صدوقٌ يُخطِئُ كثيرًا، وقد تابعَه قيسُ بنُ الربيعِ كما رواه البيهقيُّ معلقًا (٦/ ٨٩)، ولكنَّه خالفَه في إسنادِه فأدخلَ بينَ عبدِ العزيزِ وأُمَيَّةَ بنِ صَفوانَ ابنَ أبي مُليكةَ. =

<<  <  ج: ص:  >  >>