للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فإنْ أقاما بَيِّنتَيْن فالظاهِرُ تَقدُّمُ بَيِّنةِ العامِلِ؛ لأنَّ مَعها زيادةَ عِلمٍ.

وقال الشِّهابُ الرَّمليُّ : صُدِّق المالِكُ بيَمينِه، إذِ القاعِدُة أنَّ مَنْ كان القَولُ قَولَه في أصلِ الشَّيءِ كان القَولُ قَولَه في صِفتِه، مع أنَّ الأصلَ عَدمُ الائتِمانِ الدافِعِ لِلضَّمانِ (١).

٩ - الاختِلافُ في كَونِ الملِ مُضاربةً أو وَديعةً أو قَرضًا:

قال المالِكيَّةُ: إذا اختلَف رَبُّ المالِ والعامِلُ فقال رَبُّ المالِ: هو قَرضٌ، وقال العامِلُ: بل هو قِراضٌ أو وَديعةٌ، فالقَولُ قَولُ رَبِّ المالِ مع يَمينِه على المَشهورِ في المَذهبِ؛ لأنَّ الأصلَ تَصديقُ المالِكِ في كَيفيَّةِ خُروجِ مالِه مِنْ يَدِه، ولأنَّ العامِلَ مُدَّعٍ يُريدُ طَرحَ الضَّمانِ عن نَفْسِه، وسَواءٌ كان تَنازُعُهما قَبلَ العَملِ أو بَعدَه، وقيلَ: يُصدَّقُ بعدَ العَملِ لا قَبلَه.

ولو قال رَبُّ المالِ: «دَفعتُه لكَ قِراضًا»، وقال العامِلُ: «بَلْ قَرضًا»، صُدِّق العامِلُ؛ لأنَّ رَبَّ المالِ هنا مُدَّعٍ لِلرِّبحِ فلا يُصدَّقُ، والحاصِلُ أنَّ القَولَ قَولُ مُدَّعي القَرضِ منهما.

وإنْ قال رَبُّ المالِ: «هو وَديعةٌ عندَك»، وقال العامِلُ: بل هو قِراضٌ؛ فإنْ عَمِل فيه ضَمِنه العامِلُ لِتَعدِّيه؛ لأنَّه مُدَّعٍ على رَبِّه أنَّه أذِن له في تَحريكِه، والأصلُ عَدمُه، وإنْ ضاعَ قَبلَ العَملِ فلا ضَمانَ عليه؛ لأنَّه أمينٌ على


(١) «حاشية الرملي على أسنى المطالب شرح روض الطالب» (٢/ ٣٩٢)، وينظر: «روضة الطالبين» (٣/ ٧٦٦)، و «مغني المحتاج» (٣/ ٣٦١)، و «حاشية عميرة على كنز الراغبين» (٣/ ١٤٥)

<<  <  ج: ص:  >  >>