للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقالَ الحَنابلةُ: المُرتدةُ يَحرمُ نكاحُها على أيِّ دِينٍ كانتْ؛ لأنه لم يَثبتْ لها حُكمُ أهلِ الدِّينِ الذي انتقَلَتْ إليه في إقرارِها عليهِ، ففي حِلِّها أَولى (١).

النوعُ السادِسُ: المُحرَّماتُ بالمِلكِ:

اتَّفقَ الفقهاءُ على أنه لا يَجوزُ للرجلِ أنْ يتزوَّجَ أَمَتَه ولا يَنعقدُ له فيها نكاحٌ؛ لكونِه مالِكًا للبُضع قبْلَ النكاحِ مِلكًا هو أقوى مِنْ مِلكِ النكاحِ، والنكاحُ إنما يكونُ ليُستباحَ به الفَرجُ، ولأنَّ اللهَ تعالى قالَ: ﴿وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ (٥) إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ (٦)[المؤمنون: ٥، ٦]، ففرَّقَ بينَ النكاحَ ومِلكِ اليمينِ ولم يُبِحِ الفرجَ إلا بأحَدِهما، فوَجبَ لأجْلِ ذلكَ ألا يُجمعَ بينَهما وأنْ يُبطِلَ الملكُ النكاحَ، تَقدَّمَ أو تأخَّرَ، فلو جازَ أنْ يَنعقدَ نكاحٌ على مِلكٍ لَجازَ أنْ يَنعقدَ مِلكٌ على مِلكٍ ونكاحٌ على نكاحٍ.

ومِلكُ بعضِ العبدِ في هذا كَمِلْكِ كلِّه، وكذا حَقُّ المِلكِ كمَملوكِ المُكاتبِ والمَأذونِ؛ لأنَّ مِلكَ اليمينِ أقوَى مِنْ مِلكِ النكاحِ، فلا فائدةَ في إثباتِ الأضعَفِ معَ ثبوتِ الأَقوى، ولأنَّ مِلكَ النكاحِ يُوجِبُ لكلِّ واحدٍ مِنَ الزوجينِ على الآخرِ حُقوقًا مِنْ القَسْمِ والمَبيتِ وغيرِهما، وذلكَ يَمنعُه مِلك اليمينِ، فلا يَصحُّ معَ وجودِ ما ينافيهِ (٢).


(١) «المغني» (٧/ ١٠١).
(٢) «بدائع الصنائع» (٢/ ٢٧٢)، و «الاختيار» (٣/ ١٠٩)، و «البيان والتحصيل» (٥/ ١٨)، و «الذخيرة» (٤/ ٣٤١)، و «الإنصاف» (٨/ ١٤٧)، و «شرح منتهى الإرادات» (٥/ ١٧٨)، و «كشاف القناع» (٥/ ٩٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>