للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بعضُ الأشياءِ التي اختَلفَ الفُقهاءُ في صِحةِ هِبتِها:

١ - هِبةُ المَنفعةِ:

اختَلفَ الفُقهاءُ في هِبةِ المَنفعةِ، كمَن عِندَه دارٌ مَثلًا، فقالَ لآخَرَ وهَبتُك سُكناها شَهرًا، مَثلًا، هل تُعتبرُ هِبةً أو عارِيةً؟

ذهَبَ الحَنفيةُ -على تَفصيلٍ عندَهم- والمالِكيةُ والشافِعيةُ في أحدِ الوَجهَين وهو المُعتمدُ إلى أنَّه يَصحُّ هِبةُ المَنفعةِ وتُملكُ باستيفائِها ومَحلُّها أمانةٌ في يَدِه.

قالَ الحَنفيةُ: لو قالَ: «حَملتُك على هذه الدابةِ»؛ فإنَّه يَحتمِلُ الهِبةَ ويَحتمِلُ العارِيةَ، فاحتمَلَ تَمليكَ العَينِ واحتمَلَ تَمليكَ المَنافعِ، فلا بدَّ من النِّيةِ للتَّعيينِ.

ولو قالَ: «منَحتُك هذا الشَّيءَ»، أو قالَ: «هذا الشَّيءُ لكَ مِنحةً» فهذا لا يَخلو: إمَّا أنْ يَكونَ ذلك الشَّيءُ مما يُمكنُ الانتِفاعُ به من غيرِ استِهلاكٍ وإمَّا أنْ يَكونَ مما لا يُمكنُ الانتِفاعُ به إلا باستِهلاكِه.

فإنْ كانَ مما يُمكنُ الانتِفاعُ به من غيرِ استِهلاكٍ كالدارِ والثَّوبِ والدابةِ والأرضِ، بأنْ قالَ: «هذه الدارُ لك مِنحةً، أو هذا الثَّوبُ أو هذه الدابةُ أو هذه الأرضُ» فهو عارِيةٌ؛ لأنَّ المِنحةَ في الأصلِ عِبارةٌ عن هِبةِ المَنفعةِ أو ما له حُكمُ المَنفعةِ، وقد أُضيفَ إلى ما يُمكنُ الانتِفاعُ به من غيرِ استِهلاكِه من السُّكنَى واللُّبسِ والرُّكوبِ والزِّراعةِ؛ لأنَّ مَنفعةَ الأرضِ زِراعتُها فكانَ هذا تَمليكَ المَنفعةِ من غيرِ عِوضٍ وهو تَفسيرُ الإعارةِ، وكذا إذا قالَ لأرضٍ

<<  <  ج: ص:  >  >>