للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَفائِدةُ إعارَتِه إسقاطُ الأُجرةِ؛ لأنَّه لَوِ استَأجَرَه على زِراعةِ نِصفِ البَذْرِ ولَم يُعِرْه نِصفَ الأرضِ، فزَرَعَ الجَميعَ، لَزِمَه نِصفُ أُجرةِ الأرضِ.

والصُّورةُ الأُخرى: أنْ يَستَأجِرَ العامِلُ بنِصفِ البَذْرِ شائِعًا، ونِصفِ مَنفَعةِ الأرضِ كذلك؛ لِيَزرَعَ له النِّصفَ الآخَرَ مِنْ البَذْرِ في النِّصفِ الآخَرِ مِنْ الأرضِ، فيَكونا شَريكَيْنِ في الزَّرعِ على المُناصَفةِ، ولا أُجرةَ لِأحَدِهِما على الآخَرِ؛ لأنَّ العامِلَ يَستَحقُّ مِنْ مَنفَعةِ الأرضِ بقَدْرِ نَصيبِه مِنْ الزَّرعِ، ويَستَحقُّ المالِكُ مِنْ مَنفعَتِه بقَدْرِ نَصيبِه مِنْ الزَّرعِ.

والفَرقُ بينَ الصُّورةِ الأُولَى، والصُّورةِ الأُخرى: أنَّه في الأُولَى جعلَ الأُجرةَ عَينًا، وفي الأُخرى عَينًا ومَنفَعةً، وأنَّه في الأُولَى يَتمكَّنُ مِنْ الرُّجوعِ بعدَ الزِّراعةِ في نِصفِ الأرضِ، وأخْذِ الأُجرةِ، وفي الثَّانيةِ لا يَتمكَّنُ، وأنَّه لَو فَسَدَ مَنبَتُ الأرضِ في المدَّةِ … لَزِمَه قِيمةُ نِصْفِها في الأُولَى دونَ الثَّانيةِ؛ لأنَّ العاريَّةَ مَضمونةٌ.

وَهناكَ طَريقةٌ ثالِثةٌ، وهي: أنْ يُقرِضَه نِصفَ البَذْرِ ويُؤجِّرَه نِصفَ الأرضِ بنِصفِ عَملِه ونِصفِ مَنافِعِ آلاتِه، وهذه أَحوَطُها.

كلُّ هذا إذا كانَ البَذْرُ لِمالِكِ الأرضِ، فإنْ كانَ مِنْ العامِلِ فطَريقُهُ أنْ يَستَأجِرَ نِصفَ الأرضِ بنِصفِ البَذرِ، ونِصفِ عَملِه ونِصفِ مَنافِعِ الآلاتِ.

وإنْ كانَ مِنهما، يَستَأجِرُ العامِلُ نِصفَ الأرضِ بنِصفِ مَنافِعِه ومَنافِعِ آلاتِه المَصروفةِ إلى الزِّراعةِ.

وَلا بدَّ في هذه الإجاراتِ مِنْ رِعايةِ الرُّؤيةِ وتَقديرِ المدَّةِ، وغَيرِهما مِنْ شُروطِ الإجارةِ (١).

جَوازُ صِحَّةِ المُزارَعةِ عندَ الحَنابِلةِ:

قالَ الحَنابِلةُ: المُزارَعةُ جائِزةٌ بشُروطٍ، هي:

١ - كَونُ البَذْرِ مَعلومًا جِنسُه وقَدرُه، ولو لم يُوكَلْ، وعِلمُه برُؤيةٍ أو صِفةٍ لا يُختَلفُ معها، كشَجرٍ في مُساقاةٍ.


(١) «البيان في مذهب الإمام الشافعي» (٧/ ٢٨٠، ٢٨٢)، و «روضة الطالبين» (٣/ ٧٨٨، ٧٩٠)، و «مغني المحتاج» (٣/ ٣٦٤، ٣٦٦)، و «نهاية المحتاج» (٥/ ٢٨٣، ٢٨٦)، و «النجم الوهاج» (٥/ ٢٩٧، ٣٠٠)، و «الديباج» (٢/ ٤٤٤، ٤٤٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>