اختلَف العُلماءُ في حُكمِ الرِّبا إذا كانَ بينَ مُسلِمٍ وحَربيٍّ، أو بينَ مُسلِمٍ ومُسلِمٍ في بلادِ الحَربِ، هل يَجري الرِّبا بينَهم كما يَجري في بلادِ الإسلامِ؟
اختَلَفوا في ذلك على قَولَيْنِ:
القَولُ الأوَّلُ: هو قَولُ الإمامِ أبي حَنيفةَ ومُحمَّدِ بنِ الحَسَنِ، وهو المَذهبُ عندَ الحَنفيَّةِ: أنَّ الرِّبا لا يَكونُ إلَّا في بلادِ الإسلامِ، فلا رِبا بينَ مُسلِمٍ وحَربيٍّ في دارِ الحَربِ -ولا بينَ مُسلِمٍ ومُسلِمٍ أحَدُهما في دارِ الحَربِ لَم يُهاجِرْ إلينا عندَ أبي حَنيفةَ- بشَرطِ أنْ تَكونَ الزِّيادةُ لِلمُسلِمِ، وليسَتْ لِلحَربيِّ، أمَّا لو دخَل الحَربيُّ دارَنا بأمانٍ فباعَ مِنه مُسلِمٌ دِرهَمًا بدِرهَمَيْنِ فلا يَجوزُ اتِّفاقًا.
والعُقودُ الفاسِدةُ كُلُّها في مَعنَى الرِّبا، فتَجوزُ عندَهما، فلو باعَ مُسلِمٌ دخَل إليهم مُستَأمِنًا دِرهَمًا بدِرهَمَيْنِ، حَلَّ، وكذا إذا باعَ مِنهم مَيْتةً أو خِنزيرًا، أو قامَرَهم وأخَذ المالَ، يَحِلُّ كلُّ ذلك.
فلا يَجري الرِّبا في هذه المَسائِلِ عندَ أبي حَنيفةَ ومُحمَّدٍ:
١ - لا رِبا بينَ المُسلِمِ والحَربيِّ في دارِ الحَربِ، ولو لِعَقدٍ فاسِدٍ: لِحَديثِ مَكحولٍ ﵁ عن النَّبيِّ ﷺ: «لا رِبا بينَ المُسلِمِ والحَربيِّ في دارِ الحَربِ»(١).
(١) منكر: هذا الحَديثُ رواهُ الإمامُ الشافعِيُّ في «الأم» (٧/ ٣٥٩)، وعنه البَيهقيُّ في «معرفة السنن والآثار» (٥٤٤٠) قال: وقال أبو يوسُفَ: القول ما قال الأوزاعيُّ، وإنمَّا أحلَّ أبو حَنيفةَ هذا لأنَّ بعضَ المشيخةِ حدَّثنا عن مَكحولٍ عن رسولِ اللهِ ﷺ أنَّه قال: «لا رِبا بين أهل الحرب». أظنُّه قال: «وأهل الإسلام». قال الشافعِيُّ: القولُ كمَا قال الأوزاعيُّ وأبو يوسُفَ، وما احتَجّ به أبو يوسُفَ لأبي حَنيفَة ليس بثابتٍ ولا حُجةَ فيه.