للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والجَوابُ: أنَّ الوَطءَ حَرامٌ؛ لعَدمِ النكاحِ، إنَّما المَوجودُ شُبهةُ النكاحِ، فكانَ يَنبغي أنْ يَجبَ الحَدُّ عليها، إلا أنه سقَطَ للشُّبهةِ، فلَأنْ يَسقطَ الحَدُّ واللِّعانُ عنِ القاذِفِ لِمكانِ الحَقيقةِ أَولى (١).

الشَّرطُ الثالِثُ لوُجوبِ اللِّعانِ: طَلبُ المرأةِ ذلكَ:

اتَّفقَ فُقهاءُ المَذاهبِ الأربَعةِ على أنَّ الرَّجلَ إذا قذَفَ زَوجتَه فإنه يُشترطُ لصحَّةِ اللعانِ طَلبُ الزوجةِ، فلا يتعرَّضُ له بإقامةِ الحَدِّ عليه، ولا طَلبُ اللعانِ منه حتى تَطلبَ زَوجتُه ذلك، فإنَّ ذلك حَقُّ لها؛ لأنه باللعانِ يَندفِعُ عارُ الزنا عنها، فلا بُدَّ مِنْ طَلبِها كسائِرِ الحُقوقِ (٢).

قالَ الكاسانِيُّ : والأفضلُ للمَرأةِ أنْ تَتركَ الخُصومةَ والمُطالَبةَ؛ لِما فيها مِنْ إشاعةِ الفاحِشةِ، وكذا تَركُها مِنْ بابِ الفَضلِ والإكرامِ، وقدْ قالَ اللهُ تَعالى: ﴿وَلَا تَنْسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ﴾ [البقرة: ٢٣٧]، فإنْ لم تَتركْ وخاصَمَتْه إلى القاضي يُستحسَنُ للقاضي أنْ يَدعوَهُما إلى التَّركِ فيَقولَ لها: «اترُكِي وأَعرِضِي عن هذا»؛ لأنه دُعاءٌ إلى سَتْرِ الفاحِشةِ، وأنه مَندوبٌ إليهِ، فإنْ


(١) «بدائع الصنائع» (٣/ ٢٤١)، و «الجوهرة النيرة» (٤/ ٥٥٨، ٥٥٩).
(٢) «الهداية» (٢/ ٢٣)، و «العناية» (٦/ ٥٩)، و «تبيين الحقائق» (٣/ ١٥)، و «الجوهرة النيرة» (٤/ ٥٥٩)، و «اللباب» (٢/ ١٣٤)، و «البيان» (١٠/ ٤٠٨)، و «النجم الوهاج» (٨/ ١١٨)، و «مغني المحتاج» (٥/ ٧٩، ٨٠)، و «المغني» (٨/ ٤٩)، و «الكافي» (٣/ ٢٧٧)، و «شرح الزركشي» (٢/ ٥١٩)، و «المبدع» (٨/ ٩٠)، و «كشاف القناع» (٥/ ٤٦٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>