للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حتى يَتطهَّرَ بالماءِ، فكذلكَ إذا كانَ حرامًا يُبعِدُ القلبَ عن اللهِ تعالى وعن الدارِ الآخرةِ، بل يَحولُ بينَه وبينَ الإيمانِ حتى يُحدِثَ طُهرًا كامِلًا بالتوبةِ وطُهرًا لبَدنِه بالماءِ (١).

ثانيًا: زَواجُ الزانيةِ مِنْ غيرِ الزَّاني:

نكاحُ الزانيةِ مِنْ غيرِ الزَّاني لا يَخلو مِنْ أحدِ ثَلاثِ صورٍ:

الصُّورةُ الأُولى: أنْ تَكونَ حامِلاً مِنْ الزنا:

اختَلفَ فُقهاءُ المذاهبِ الأربعةِ في نكاحِ الحاملِ مِنَ الزنا؛ هل يَصحُّ عقدُ النكاحِ عليها أم لا؟ وهل يَحِلُّ وَطؤُها أم لا؟

فذهَبَ الإمامُ أبو حَنيفةَ ومُحمدٌ إلى أنه يَصحُّ عقدُ النكاحِ على الحاملِ مِنَ الزنا؛ لأنها مِنَ المُحلَّلاتِ بالنصِّ، فهيَ داخلةٌ في قولِ اللهِ تعالَى: ﴿وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ﴾ [النساء: ٢٤]، وكلُّ مَنْ كانَتْ كذلكَ جازَ نكاحُها، ولأنَّ حَمْلَها لا يَلحقُ بأحدٍ، فكانَ وُجودُه كعَدمِه، إلا أنه لا يَجوزُ له أنْ يطأَها حتَّى تضَعَ حمْلَها؛ لقولِ النبيِّ : «لا تُوطَأُ حاملٌ حتَّى تضَعَ» (٢)، وحُرمةُ الوطءِ كَيلَا يَسقي ماءَه زرْعَ غيرِه.

ثمَّ إذا جاءَتْ بالولدِ لسِتةِ أشهرٍ فصاعدًا بعدَ النكاحِ ثبَتَ نسَبُه ويَرِثُ منه، وإنْ جاءَتْ به لِأقلَّ مِنْ ذلكَ لا يَثبتُ نَسبُه ولا يَرثُ منه (٣).


(١) «إغاثة اللهفان» (١/ ٦٥، ٦٧).
(٢) حَدِيثٌ صَحِيحٌ: رواه أبو داود (٢١٥٧)، والترمذي (١٥٦٤).
(٣) «الهداية» (١/ ١٩٥)، و «شرح فتح القدير» (٣/ ٢٤٢)، و «الاختيار» (٣/ ١٠٩)، و «تبيين الحقائق» (٢/ ١١٤)، و «العناية» (٤/ ٣٨٠)، و «البحر الرائق» (٣/ ١١٤)، و «الجوهرة النيرة» (٥/ ٤٤)، و «درر الحكام شرح غرر الأحكام» (٤/ ٦٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>