للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الحُكمُ إذا مضَتْ مُدةُ الإيلاءِ الأربَعة أشهُرٍ أو أكثرَ ولم يَفِئْ:

الحُكمُ إذا مضَتْ مدَّةُ الإيلاءِ الأربعَةُ أشهُرٍ أو أكثَرُ، هَلْ تُطلَّقُ عليهِ في الحالِ بمُجرَّدِ مُضيِّ المدَّةِ؟ أم يُوقَفُ ويَخيَّرُ بيْنَ الفَيءِ -أي الجِماعِ- أو الطَّلاقِ؟

اختَلفَ فُقهاءُ المَذاهبِ الأربَعةِ فيما لو مضَتْ مدَّةُ الإيلاءِ -كمَن آلَى مِنْ زوْجتِه أكثَرَ مِنْ أربَعةِ أشهُرٍ وانتهَتْ مدَّةُ الإيلاءِ-، هل يُفرَّقُ بيْنَ الزوجَينِ وتَبِينُ منه زَوجتُه بطَلقةٍ بمُجرَّدِ مُضيِّ مدَّةِ الإيلاءِ؟ أم يُوقَفُ حتى تَطلبَ الزوجةُ ويُخيَّرُ بينَ الفَيءِ -أي الجِماعِ- أو التَّطليقِ؟

فذهَبَ الحَنفيةُ وبعضُ المالِكيةِ -كعَبدِ المَلكِ ابنِ الماجشُونِ (١) - إلى أنَّ الرَّجلَ إذا آلَى مِنْ زَوجتِه أربعةَ أشهُرٍ فأكثَرَ ولم يَفئْ في المدَّةِ -أي لم يُجامِعْ زَوجتَه فيها- فإنها تُطلَّقُ عليهِ بمُضيِّ المدَّةِ وتَبِينُ منهُ بتَطليقةٍ مِنْ غَيرِ فَيءٍ؛ لأنه بالإيلاءِ عزَمَ على مَنعِ نَفسِه مِنْ إيفاءِ حقِّها في الجِماعِ في المدِّةِ وأكَّدَ العَزمَ باليَمينِ، فإذا مضَتِ المدَّةُ ولم يَفئْ إليها مع القُدرةِ على الفَيءِ فقدْ حقَّقَ العَزمَ المُؤكَّدَ باليَمينِ بالفِعلِ، فتأكَّدَ الظُّلمُ في حقِّها، فتَبِينُ منه عُقوبةً عليه جَزاءً على ظُلمِه ومَرحَمةً عليها ونظَرًا لها بتَخليصِها مِنْ حِبالِه لتَتوصَّلَ إلى إيفاءِ حقِّها مِنْ زَوجٍ آخَرَ.


(١) «حاشية الدسوقي على الشرح الكبير» (٣/ ٣٤٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>