أمرِهم ونَهيِهم، ولهم أنْ يَكتسِبوا الأموالَ كما لغيرِهم مِثلُ ذلك، فهؤلاء لا يَتنازَعُ العُلماءُ في أنَّهم من أحَقِّ النَّصارى بالقَتلِ عندَ المُحارَبةِ وبأخذِ الجِزيةِ عندَ المُسالَمةِ وأنَّهم من جِنسِ أئِمةِ الكُفرِ الذين قالَ فيهم الصِّديقُ ﵁ ما قالَ، وتَلا قَولَ اللهِ تَعالى: ﴿فَقَاتِلُوا أَئِمَّةَ الْكُفْرِ﴾ [التوبة: ١٢].
ويُبيِّنُ ذلك أنَّه ﷾ قد قالَ: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ كَثِيرًا مِنَ الْأَحْبَارِ وَالرُّهْبَانِ لَيَأْكُلُونَ أَمْوَالَ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ﴾ [التوبة: ٣٤] وقد قالَ تَعالى: ﴿اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا إِلَهًا وَاحِدًا لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ (٣١)﴾ [التوبة: ٣١] فهل يَقولُ عالِمٌ: إنَّ أئِمةَ الكُفرِ الذين يَصُدُّون عَوامَّهم عن سَبيلِ اللهِ ويأكُلونَ أموالَ الناسِ بالباطِلِ ويَرضَونَ بأنْ يُتَّخذوا أربابًا من دونِ اللهِ لا يُقاتَلونَ ولا تُؤخذُ منهم الجِزيةُ مع كَونِها تُؤخذُ من العامةِ الذين هُمْ أَقلُّ منهم ضَررًا في الدِّينِ وأَقلُّ أموالًا، لا يَقولُه مَنْ يَدري ما يَقولُ (١).
إذا قتَلَ الإنسانُ مَنْ لا يَجوزُ قَتلُه من المُشرِكينَ:
وقد نَصَّ فُقهاءُ المَذاهبِ الأربَعةِ على أنَّ الإنسانَ إذا قتَلَ مَنْ لا يَجوزُ قَتلُه من النِّساءِ والصِّبيانِ والشَّيخِ الكَبيرِ وغيرِهم ممَّن ذكَرْنا فلا شَيءَ عليه غيرَ أنْ يَتوبَ إلى اللهِ.