للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فذَهب الجُمهورُ إلى أنَّ الإمامَ يَحمِلُ عنه السَّهوَ، وشَذَّ مَكحولٌ فألزَمه السُّجودَ في خاصَّةِ نَفسِه.

وسَببُ اختِلافِهم اختلافُهم فيما يَحمِلُ الإمامُ مِنْ الأركانِ عن المَأمومِ وما لا يَحمِلُه (١).

وذلكَ لمَا وردَ عن ابنِ عمرَ مَرفوعًا: «لَيسَ على مَنْ خلفَ الإِمَامِ سَهوٌ؛ فَإِنْ سَهَا الإِمَامُ فَعليه، وَعلى مَنْ خلفَه السَّهوُ، وَإِنْ سَهَا مَنْ خلفَ الإِمَامِ فليس عليه سَهوٌ، وَالإِمَامُ كافيه» (٢).

صِفةُ سُجودِ السَّهوِ:

قالَ الإمامُ ابنُ رُشدٍ : وأمَّا صِفةُ سُجودِ السَّهوِ فإنَّهمُ اختَلَفوا في ذلكَ؛ فرَأى مالِكٌ أنَّ حُكمَ سَجدَتَيِ السَّهوِ إذا كانَتَا بعدَ السَّلامِ أن يَتشهَّدَ فيها ويُسلِّمَ منها، وبهِ قالَ أبو حَنيفَةَ؛ لأنَّ السُّجودَ كلَّهُ عندَهُ بعدَ السَّلامِ، وإذا كانَت قبلَ السَّلامِ أن يَتشهَّدَ لها فَقط، وأنَّ السَّلامَ مِنْ الصَّلاةِ هو سَلامٌ


(١) «بداية المجتهد» (١/ ٢٧٤).
(٢) رواه الدَّارَقُطنِيُّ (١/ ٣٧٧)، والبَيهقيُّ (٢/ ٣٥٢)، وضعَّفَهُ الألبانيُّ في «الإروَاءِ» (٢/ ١٣١)، وقال : فنحنُ نعلمُ يقينًا أنَّ الصحابةَ الذين كانوا يقتَدونَ به كانوا يَسهُونَ وراءَه سهوًا يوجِبُ السجودَ عليهم لو كانوا منفرِدِين، هذا الأمرُ لا يمكنُ لأحدٍ إنكارُه، فإذا كان كذلكَ فلَم يُنقَل أنَّ أحدًا منهم سجدَ بعد سلامِه ، ولو كانَ مشروعًا لفَعَلوه، ولو فَعَلوهُ لنقَلُوه، فإذا لم يُنقَل دلَّ على أنه لم يثبُت، وهذا ظاهرٌ -إن شاء اللهُ تعالى- وقد يؤيِّدُ ذلك ما مضى في حديثِ معاويةَ بنِ الحكَمِ السُّلَمِيِّ أنه تكلَّمَ في الصلاةِ خلفَه جاهلًا بتحريمِه، ثمَّ لم يأمُرهُ النبيُّ بسجودِ السهوِ. اه.

<<  <  ج: ص:  >  >>