وإن نصبَ خَشَبةً فعلى وجهَينِ عندَ أصحابِه، وإن صلَّى في جَوفِها مُقابِلًا لِلبابِ لم يَجُز، إلا أن يَكونَ بينَ يَديهِ عَتَبَةٌ شاخِصةٌ مُتَّصِلةٌ بالبِناءِ، وقالَ أحمدُ: لا يَجوزُ بحالٍ، لا على ظَهرِها، ولا في جَوفِها.
وعن مالِكٍ رِوايَتانِ كالمَذَهبينِ كمَذهبِ أحمدَ، وهو أنَّه لا يَصحُّ بحالٍ، وهي رِوايةُ أصبَغَ، قالَ عَبدُ الوهَّابِ: وهو المَشهورُ عندَ المُحقِّقِينَ من أهلِ مَذهبِنا، والرِّوايةُ الأُخرى: أنَّها تُجزِئُ مع الكَراهةِ (١).
ما يُكرَهُ في صَلاةِ التَّطوُّعِ:
المَكروهُ في صَلاةِ التَّطوُّعِ نَوعانِ:
النَّوعُ الأوَّلُ: هو ما يَرجِعُ إلى القَدرِ: تُكرَهُ الزِّيادةُ على أربَعِ رَكعاتٍ بتَسليمةٍ واحدةٍ في النَّهارِ، ولا يُكرَهُ ذلك في صَلاةِ اللَّيلِ؛ فلِلمُصلِّي أن يُصلِّيَ سِتًّا وثَمانيًا بتَسليمةٍ واحدةٍ، قالَ الكاسانيُّ: والأصلُ في ذلك أنَّ النَّوافِلَ شُرِعَت تَبَعًا لِلفَرائِضِ، والتَّبَعُ لا يُخالِفُ الأصلَ، فلو زِيدَت على الأربَعِ في النَّهارِ لَخالَفَتِ الفَرائِضَ، وهذا هو القِياسُ في اللَّيلِ، إلا أنَّ الزِّيادةَ على الأربَعِ إلى الثَّمانِي، أو إلى السِّتِّ، عَرَفناهُ بالنَّصِّ، وهو ما رُويَ عن النَّبيِّ ﷺ أنَّه كانَ يُصلِّي باللَّيلِ خَمسَ رَكعاتٍ، تِسعَ رَكعاتٍ، إحدى عَشرَةَ رَكعةً، ثَلاثَ عَشرَةَ رَكعةً.
(١) «الإفصاح» (١/ ١٤٤)، و «البحر الرائق» (٢/ ٢١٥)، و «الدُّر المختار» (٢/ ٢٥٤)، و «مواهب الجليل» (١/ ٥١١)، و «الاستذكار» (٤/ ٣٢٢)، و «شرح مسلم» (٩/ ٨٣)، و «طرح التَّثريب» (٥/ ١١٩)، و «الإنصاف» (١/ ٤٩٨)، و «شرح منتهى الإرادات» (١/ ١٦٦).