للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويَصحُّ شَرطُ كلٍّ منهما -أي: رَبِّ المالِ والعامِلِ- زَكاةَ حِصتِه من الرِّبحِ على الآخَرِ؛ لأنَّه بمَنزِلةِ شَرطِه لنَفسِه نِصفَ الرِّبحِ وثُمنَ عُشرِه مَثلًا.

ولا يَصحُّ شَرطُ زَكاةِ رأسِ المالِ أو زَكاةِ بَعضِه من الرِّبحِ؛ لأنَّه قد يُحيطُ بالرِّبحِ كشَرطِ دَراهِمَ مَعلومةٍ (١).

المسألةُ الرابِعةُ: زَكاةُ العَينِ المُودَعةِ:

اتَّفقَ فُقهاءُ المَذاهبِ الأربَعةِ على أنَّ الوَديعةَ تَجبُ فيها الزَّكاةُ، وإنِ اختلَفوا هل يُزكِّيها كلَّ عامٍ أو لا يُزكِّيها إلا بعدَ قَبضِها لِما مَضى من السِّنينَ، والجُمهورُ يَرَونَ أنَّه يُزكِّيها كلَّ عامٍ.

قال الحَنفيةُ: الوَديعةُ تَجبُ فيها الزَّكاةُ، ولو دُفعَ إلى إِنسانٍ وَديعةٌ ثم نسِيَ المُودِعُ فإنْ كانَ المَدفوعُ إليه من مَعارفِه فعليه الزَّكاةُ لِما مَضى إذا تذكَّر؛ لأنَّ نِسيانَ المَعروفِ نادِرٌ، فكانَ طَريقُ الوُصولِ قائمًا، ولتَفريضِه بالنِّسيانِ في غيرِ مَحَلِّه، وإنْ كانَ دفَعَها إلى غيرِ مَعارِفِه وهُم الأجانبُ ونسِيَها فلا زَكاةَ عليه فيما مَضى لتَعذُّرِ الوُصولِ إليه (٢).

وقالَ المالِكيةُ: الأَموالُ المُودَعةُ إذا مكَثَت أَعوامًا عندَ المُودَعِ فإنَّها تُزكَّى لِما مَضى من السِّنينَ بعدَ قَبضِها والعِلةُ في ذلك تَظهَرُ من بيانِ الفَرقِ


(١) «كشاف القناع» (٢/ ١٩٧، ١٩٨)، و «شرح منتهى الإرادات» (٢/ ١٧٨)، و «مطالب أولي النهى» (٢/ ١٩، ٢٠).
(٢) «بدائع الصنائع» (٢/ ٩، ١٠)، و «الدر المختار» (٢/ ٢٦٦)، و «درر الحكام» (٢/ ٣٠٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>