للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المَعنى، أعني: في التَّشريكِ؛ لأنَّ الإجماعَ انعقَد على مَنعِ التَّشريكِ فيه في الأجانبِ، فوجَب أنْ يَكونَ الأقارِبُ في ذلك في قياسِ الأجانبِ، وإنَّما فرَّق مالكٌ في ذلك بينَ الأجانبِ والأقاربِ لقياسِه الضَّحايا على الهَدايا في الحَديثِ الذي احتجَّ به، أعني حَديثَ ابنِ شِهابٍ، فاختِلافُهم في هذه المَسألةِ إذا رجَع إلى تَعارضِ الأقيِسةِ في هذا البابِ، إمَّا إلحاقُ الأقاربِ بالأجانبِ، وإمَّا قياسُ الضَّحايا على الهَدايا (١).

الأُضحيَّةُ أفضلُ من التَّصدُّقِ بقيمَتِها:

نصَّ جُمهورُ الفُقهاءِ الحَنفيةُ والمالِكيةُ في المَشهورِ والشافِعيةُ والحَنابلةُ على أنَّ الأُضحيَّةَ أفضلُ من التَّصدُّقِ بقيمَتِها أو أكثرَ من قيمَتِها؛ لأنَّ القُربةَ التي تَحصُلُ بإراقةِ الدَّمِ لا تَحصلُ بالصَّدقةِ، قال النَّبيُّ : «ما عمِل آدمِيٌّ من عَملٍ يومَ النَّحرِ أَحبَّ إلى اللَّهِ من إِهراقِ الدَّمِ إنَّها لَتأتِي يومَ القِيامةِ بقُرونِها وأَشعارِها وأَظلافِها، وإنَّ الدَّمَ لَيَقعُ من اللَّهِ بِمكَانٍ قبلَ أنْ يَقعَ من الأرضِ فطِيبوا بها نَفسًا» (٢).

ولأنَّ إيثارَ الصَّدقةِ على الأُضحيَّةِ يُفضي إلى تَركِ سُنةٍ سنَّها رَسولُ اللهِ فلم يُحفظْ عن النَّبيِّ أنَّه ترَك الأُضحيَّةَ طُولَ عُمرِه، وندَب أُمتَه إليها، فلا يَنبَغي لمُوسرٍ تَركُها.


(١) «بداية المجتهد» (١/ ٣١٧، ٣١٨).
(٢) حَديثٌ ضعيفٌ: رواه الترمذي (١٤٩٣)، وابن ماجه (٣١٢٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>