ذلك كالوَصيةِ، وكأنَّ المُحرَّمَ أخذُ ثَمنِه، ولأنَّه أخَفُّ من البَيعِ، ولأنَّه لا يَلزمُ من امتِناعِ نَقلِه على وَجهٍ خاصٍّ -وهو البَيعُ- امتِناعُ نَقلِه من جَميعِ الوُجوهِ.
وذهَبَ الشافِعيةُ في الأصَحِّ والحَنابِلةُ في قَولٍ إلى أنَّه لا يَصحُّ هِبةُ الكَلبِ قِياسًا على البَيعِ، فكما أنَّه لا يَجوزُ بَيعُه لا تَجوزُ هِبتُه.
قالَ الحَنابِلةُ: يَجوزُ نَقلُ اليَدِ في الكَلبِ ونَحوِه مما يُباحُ الانتِفاعُ به، وليسَ هِبةً حَقيقةً (١).
٣ - هِبةُ جِلدِ المَيتةِ قبلَ الدِّباغِ:
اختَلفَ الفُقهاءُ في حُكمِ هِبةِ جِلدِ المَيتةِ قبلَ الدِّباغِ، وكذا جِلدٌ نَجسٌ أو كلُّ مَتنجِّسٍ هل يَصحُّ أو لا؟
فذهَبَ الشافِعيةُ في الأصَحِّ والحَنابِلةُ في المَذهبِ إلى أنَّه لا يَصحُّ هِبةُ جِلدِ المَيتةِ قبلَ الدِّباغِ؛ لأنَّه لا يَجوزُ بَيعُه فلا تَجوزُ هِبتُه، وكذا كل مُتنجِّسٍ يُمكنُ الانتِفاعُ به قِياسًا على البَيعِ.
(١) يُنظَرُ: «الشرح الكبير مع حاشية الدسوقي» (٥/ ٤٩٢)، و «شرح مختصر خليل» (٧/ ١٠٣)، و «التاج والإكليل» (٥/ ٦)، و «تحبير المختصر» (٥/ ٤)، و «الوسيط» (٥/ ٢١٣)، و «روضة الطالبين» (٤/ ١٨٧)، و «مغني المحتاج» (٣/ ٤٩١)، و «تحفة المحتاج» (٧/ ٥٧٤)، و «الكافي» (٢/ ٤٦٦)، و «الشرح الكبير» (٦/ ٢٦٢)، و «الإنصاف» (٧/ ١٣١)، و «شرح منتهى الإرادات» (٤/ ٤٠١)، و «كشاف القناع» (٤/ ٣٦٩)، و «منار السبيل» (٢/ ٣٤٧).