للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وذهَبَ الحَنابِلةُ في احتِمالٍ -وقيلَ هو قياسُ المَذهبِ وحَكاه ابنُ مُفلحٍ أنَّه الصَّحيحُ مِنْ المَذهبِ- أنَّه يَنعقدُ نَذرُه مُوجبًا كَفارةَ يَمينٍ إنْ ترَكَه كما لو حلِفَ على فِعلِه؛ فإنَّ النَّذرَ كاليَمينِ وقد سمَّاه النَّبيُّ يَمينًا، وكذلك لو نذَرَ مَعصيةً أو مُباحًا لمْ يَلزمْه ويُكفِّرُ إذا لم يَفعلْه (١).

وهو أيضًا قَولٌ للشافِعيةِ، قالَ النَّوويُّ في «الرَّوضَة»: «الواجِباتُ، فلا يَصحُّ نَذرُها؛ لأنَّها واجبةٌ بإِيجابِ الشَّرعِ، فلا مَعنى لالتِزامِها، وذلك كنَذرِ الصَّلواتِ الخَمسِ، وصَومِ رَمضانَ، وكذا لو نذَرَ ألَّا يَشربَ الخَمرَ، ولا يَزنِيَ. وسواءٌ علَّقَ ذلك بحُصولِ نِعمةٍ، أو التزَمَه ابتداءً.

وإذا خالفَ ما ذكَرَه ففي لُزومِ الكَفارةِ ما سبَقَ في قِسمِ المَعصيةِ -وهو أنَّه لا كَفارةَ- وادَّعى صاحبُ التَّهذيبِ أنَّ الظَّاهرَ هنا وُجوبُها» (٢).

القِسمُ الثَّامنُ: نَذرُ المُستحيلِ أو غيرِ مُتصوَّرِ الوُجودِ:

نصَّ جُمهورُ الفُقهاءِ الحَنفيةُ والحَنابِلةُ في المَذهبِ -وهو مُقتضى كَلامِ المالِكيةِ والشافِعيةِ- على أنَّ نَذرَ المُستحيلِ -وهو نَذرُ ما يُحيلُ العَقلُ أو


(١) «المغني» (١٠/ ٧٠)، و «الكافي» (٤/ ٤٢١)، و «شرح الزركشي» (٣/ ٢٥٤)، و «المبدع» (٩/ ٣٢٦).
(٢) «روضة الطالبين» (٢/ ٧٥١).

<<  <  ج: ص:  >  >>