للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومنهم مَنْ صحَّحَ حَديثَ نافِعٍ أَبي غالِبٍ وقالَ: فيه زِيادةٌ على حَديثِ سمُرةَ بنِ جُندُبٍ فيَجبُ المَصيرُ إليها، وليسَ بينَهما تَعارُضٌ أصلًا.

وأمَّا مَذهبُ ابنِ القاسِمِ وأبي حَنيفةَ فلا أعلَمُ له مِنْ جِهةِ السَّمعِ في ذلك مُستَندًا إلا ما رُويَ عن ابنِ مَسعودٍ في ذلك (١).

الصَّلاةُ على جَنائِزَ مُجتَمِعةٍ:

اتَّفقَ فُقهاءُ المَذاهبِ الأربَعةِ على أنَّه إذا اجتمَع جَنائِزُ رِجالٍ ونِساءٍ وصِبيانٍ فإنَّه يُقدَّمُ الرِّجالُ مما يَلي الإمامَ، ثم الصِّبيانُ ثم النِّساءُ؛ لأنَّهم هكذا يَصطفُّونَ خلفَ الإمامِ في حالِ الحَياةِ، ثم إنَّ الرِّجالَ يَكونونَ أقرَبَ إلى الإمامِ مِنْ النِّساءِ، فكذا بعدَ المَوتِ.

ولِما رَوى نافِعٌ عنِ ابنِ عمرَ: «أنَّه صلَّى على تِسعِ جَنائِزَ جَميعًا، فجعَلَ الرِّجالَ يَلونَ الإِمامَ، والنِّساءَ يَلينَ القِبلَةَ، فصَفَّهنَّ صَفًّا واحِدًا ووُضعَتْ جنازةُ أُمِّ كُلْثومٍ بِنتِ علِيٍّ امْرَأةِ عمرَ بنِ الخَطابِ وابنٍ لها يُقالُ له زَيْدٌ، وُضِعَا جَميعًا وَالْإِمَامُ يَومَئذٍ سَعِيدُ بنُ العاصِ، وفي الناسِ ابنُ عمرَ وأبو هُريرةَ وأبو سَعيدٍ وأبو قَتادَةَ، فوُضعَ الغُلامُ ممَّا يَلِي الإِمامَ، فقالَ رَجلٌ: فأَنكرْتُ ذلك، فنَظرْتُ إلى ابنِ عَباسٍ وأَبي هُريرةَ وأَبِي سَعِيدٍ وأَبِي قَتادَةَ، فقُلتُ: ما هذا؟ قالوا: هي السُّنةُ» (٢).


(١) «بداية المجتهد» (١/ ٣٢٧).
(٢) حَديثٌ صَحيحٌ: رواه عبد الرازق (٣/ ٤٦٥، ٦٣٣٧)، والنسائي (١/ ٢٨٠)، وابن الجارود في «المنتقى» (٢٦٧، ٢٦٨)، والدارقطني (١٩٤)، والبيهقي (٤/ ٣٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>