للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وذهَبَ الحَنفيةُ إلى أنَّه لا يَلزمُه أنْ يَردَّ ما فضَلَ معه، قالَ ابنُ عابدِين : قالَ في «الفَتح»: ولا يَحلُّ له -أي: لِابنِ السَّبيلِ- أنْ يَأخذَ أكثرَ من حاجَتِه، والأَوْلى له أنْ يَستقرِضَ إنْ قدِرَ ولا يَلزمُه ذلك لجَوازِ عَجزِه عن الأداءِ، ولا يَلزمُه التَّصدُّقُ بما فضَلَ في يدِه عندَ قُدرتِه على مالِه كالفَقيرِ إذا استَغنى، والمُكاتَبِ إذا عجَزَ وعندَهما من مالِ الزَّكاةِ لا يَلزمُهما التَّصدُّقُ (١).

هل يَجبُ التَّسويةُ بينَ الأَصنافِ الثَّمانيةِ أو يَجوزُ إعطاءُ صِنفٍ منها مع وُجودِ الباقين؟

أجمَعَ أهلُ العِلمِ على أنَّه إذا لم يُوجَدْ إلا صِنفٌ واحِدٌ من الأَصنافِ الثَّمانيةِ أنَّها تُعطَى لهم وتُجزِئُ.

إلا أنَّهم اختلَفوا فيما لو اجتَمعَت الأَصنافُ الثَّمانيةُ هل يَجبُ استِيعابُها جَميعًا أو يَجوزُ أنْ يُعطَى صِنفٌ واحِدٌ منها فقط وتُجزِئُ عنه؟

وكذا إذا وُجِدَ وإذا اجتَمعَت الأَصنافُ فالمَذهبُ أنَّه لا يَجبُ استِيعابُها، بل لو أُعطيَت لصِنفٍ واحِدٍ أَجزأَ.

فذهَبَ الشافِعيةُ (والإمامُ أحمدُ في رِوايةٍ) (٢) إلى أنَّه يَجبُ أنْ يُسوِّيَ بينَ الأَصنافِ في الأسهُمِ ولا يُفضَّلُ صِنفٌ على صِنفٍ بلا خِلافٍ، سَواءٌ اتَّفقَت حاجاتُهم وعَددُهم أو لا، ولا يُستَثنى من هذا إلا العامِلُ، فإنَّ حقَّه مُقدَّرٌ بأُجرةِ عَملِه؛ لأنَّ اللهَ تعالَى سوَّى بينَهم.


(١) «حاشية ابن عابدين» (٢/ ٣٤٤)، و «تبيين الحقائق» (١/ ٢٩٨).
(٢) «شرح الزركشي» (١/ ٣٧٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>