للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأكلُ والادِّخارُ والهَدايا من الأُضحيَّةِ:

اتَّفَق الفُقهاءُ على أنَّه يَجوزُ للمُضحِّي أنْ يأكلَ من أُضحيَّتِه؛ لقولِه تَعالى: ﴿فَكُلُوا مِنْهَا﴾ [الحج: ٢٨].

ولقولِ ثَوبانَ : ذبَح رَسولُ اللهِ أُضحيَّتَه، ثم قال: «يا ثَوبانُ، أَصلحْ لِي لَحمَ هذه، فلَم أَزلْ أُطعمُه مِنه حتَّى قدِم المَدينةَ» (١).

واتَّفقوا أيضًا على أنَّه يَجوزُ له أنْ يَدخرَ منها لنَفسِه ولأهلِه، لِما رَوى جابرٌ عَنِ النَّبيِّ : «أنَّه نهَى عن أَكلِ لُحومِ الضَّحايا بعدَ ثَلاثٍ، ثم قال بَعدُ: كُلوا وتَزوَّدوا وادَّخِروا» (٢).

واتَّفقوا أيضًا على أنَّه يَجوزُ له أنْ يُطعِمَ الأغنياءَ والفُقراءَ، وإنَّما يَجوزُ له أنْ يُطعمَ الأغنياءَ؛ لأنه يَجوزُ له الأكلُ منها وهو غَنيٌّ، فكذا غيرُه.

إلا أنَّ الفُقهاءَ اختَلفُوا في الأفضلِ.

فذهَب الحَنفيةُ والشافِعيةُ في المَذهبِ والحَنابلةُ إلى أنَّ الأفضلَ أنْ يَتصدقَ منها بالثُّلثِ ويَدخرَ الثُّلثَ ضيافةً للأقاربِ، والثُّلثَ لنَفسِه، ويُستحبُّ ألَّا يَنقُصَ الصَّدقةَ من الثُّلثِ، فإنْ تَصدقَ بجميعِها فهو أفضلُ، لقولِ اللهِ تَعالى: ﴿فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْقَانِعَ وَالْمُعْتَرَّ﴾ [الحج: ٣٦] فذكَر ثلاثةَ أصنافٍ فاقتَضى أنْ يَكونَ بينَهم أثلاثًا.


(١) رواه مسلم (١٩٧٥).
(٢) رواه البخاري (١٧١٩)، ومسلم (١٩٧٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>