للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المَسألةُ الرابعَةُ: إذا فرَضَ لها مَهرًا بعْدَ العقدِ ثمَّ طلَّقَها قبْلَ الدُّخولِ:

اختَلفَ الفُقهاءُ فيما لو تَزوَّجَ امرأةً ولَم يُسمِّ لها مَهرًا أثناءَ العَقدِ ثمَّ فرَضَ لها مَهرًا بعْدَ العَقدِ ثمَّ طلَّقَها قبْلَ الدُّخولِ، هل يكونُ لها نِصفُ ما فرَضَ لها أم لها المُتعةُ؟

فذهَبَ المالكيَّةُ والشَّافعيةُ والحَنابلةُ في المَذهبِ وأبو يُوسفَ في قَولِه الأوَّلِ إلى أنَّ الرَّجلَ إذا عقَدَ على امرأةٍ ولم يُسَمِّ لها صَداقًا أثناءَ العَقدِ ثمَّ فرَضَ لها وسَمَّى صَداقًا لها بعْدَ العَقدِ ثمَّ طلَّقَها قبْلَ الدُّخولِ أنهُ يَجبُ لها نِصفُ المَهرِ المُسمَّى أو المَفروضِ ولا مُتعةَ لها؛ لقَولِ اللهِ تعالَى: ﴿وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ﴾ [البقرة: ٢٣٧]، فلم يَجعَلْ لها إلَّا نِصفَ المَهرِ، ولأنها قَدْ مَلكَتْ نِصفَ المَهرِ بما ابتَذلَتْ مِنْ العَقدِ فلَم يُجعَلْ لها غَيرُه؛ لِئلَّا يُجمَعَ بيْنَ بَدلَينِ.

ولأنَّ المَفروضَ بعْدَ العَقدِ إذا أُلحِقَ بالعَقدِ لَحِقَه في حُكمِ التَّشطيرِ، واختِلافُ زَمانِ الفَرضِ لا يُغيِّرُ حَقيقةَ المَفروضِ.

وقَولُه تعالَى: ﴿فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ﴾ يَتناولُ -بطريقِ العُمومِ- ما بعْدَ العَقدِ.

ولو تَوهَّمَ مُتَوهِّمٌ أنَّ فيمَا قبْلَه ما يَمنَعُ مِنْ هذا العُمومِ فليسَ كذلكَ، فإنَّ ما قبْلَه عَدمُ الفَرضِ مُطلَقًا، وما بعْدَه إثباتُ الفَرضِ، وإثباتُ الفَرضِ يَعُمُّ الأحوالَ.

<<  <  ج: ص:  >  >>