للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقالَ أَبو حَنيفةَ: «يُقدمُ الواصِفُ له بذلك».

دَليلُنا: أنَّ مَعرفةَ العَلامةِ هو وَصفٌ للمُدَّعى، والمُدَّعي لا يُقدمُ بوَصفٍ ما ادَّعاه، كما لو ادَّعيا مِلكَ عَينٍ ووصَفَها أَحدُهما (١).

الصُّورةُ الثانِيةُ: أنْ يَدَّعيَه مُسلِمٌ وذِميٌّ:

اتَّفقَ الفُقهاءُ على أنَّه لو ادَّعى مُسلمٌ وذِميٌّ نَسبَ لَقيطٍ فجاءَ أَحدُهما ببَينةٍ ولمْ يَأتِ الآخرُ فإنه يُقدمُ صاحِبُ البَينةِ، سَواءٌ كانَ المُسلمَ أو الذميَّ.

إلا أنَّ العُلماءَ اختلَفُوا فيما لو ادَّعى مُسلِمٌ وذِميٌّ في نَسبِ اللَّقيطِ، ولمْ يَأتْ أَحدُهما ببَينةٍ ولا بعَلامةٍ، هل يُقدمُ المُسلِمُ على الكافِرِ الذِّميِّ أم حُكمُ الذِّميِّ حُكمُ المُسلِمِ فلا تُقدمُ دَعوى أَحدِهما على الآخرِ؟

فذهَبَ جُمهورُ الفُقهاءِ المالِكيةُ والشافِعيةُ والحَنابِلةُ إلى أنَّه إذا ادَّعى نَسبَ اللَّقيطِ مُسلِمٌ وذِميٌّ فلا يُقدمُ أَحدُهما على الآخرِ؛ لأنَّ كلَّ واحدٍ منهما لو انفَردَ بالدَّعوى قُبلَت دَعواه، فإذا اجتَمَعا تَساوَيا كالحُرَّينِ المُسلِمينِ، ولأنَّ المُسلِمَ يُساوي الذِّميَّ في السَّببِ الذي يُلحقُ به النَّسبَ وهو الفِراشُ أو شَبهُه، فساواه في تَداعي النَّسبِ كالمُسلِمينَ (٢).


(١) «البيان» (٨/ ٣٢).
(٢) «الإشراف على نكت مسائل الخلاف» (٣/ ٢٧٧، ٢٧٨)، رقم (١١١٨)، و «الإشراف» لابن المنذر (٦/ ٣٦٢)، و «البيان» (٨/ ٣٢)، و «روضة الطالبين» (٤/ ٢٤٣)، و «النجم الوهاج» (٦/ ٨٣)، و «مغني المحتاج» (٣/ ٥٣٩)، و «تحفة المحتاج» (٧/ ٦٨٥)، و «الديباج» (٢/ ٥٧٩)، و «المغني» (٦/ ٤٥)، و «كشاف القناع» (٤/ ٢٨٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>