الرُّكنُ الرَّابعُ: العِوضُ: الشَّيءُ المخالَعُ بهِ:
العِوضُ: هو ما يأخُذُه الزَّوجُ مُقابِلَ خُلعِه لها، ويَنبنِي على هذا عدَّةُ مَسائلَ:
المسألةُ الأُولى: هل يُشترطُ لصِحةِ الخُلعِ أنْ يكونَ على عِوضٍ؟
اختَلفَ الفُقهاءُ في الخُلعِ، هل يُشترطُ فيهِ أنْ يكونَ على عِوضٍ؟ أم يَصحُّ الخُلعُ على غيرِ عِوضٍ؟
فذهَبَ الحنفيَّةُ والحَنابلةُ في المَذهبِ (وقَولٌ للشَّافعيةِ) إلى أنَّه يُشترطُ لصحَّةِ الخُلعِ أنْ يكونَ على عِوضٍ، ولا يَصحُّ الخُلعُ إلَّا بعِوضٍ؛ لأنَّ العوضَ رُكنٌ فيهِ، فلا يَصحُّ تَركُه كالثَّمنِ في البَيعِ، فإنْ خالَعَها بغيرِ عِوضٍ لم يقَعْ خُلعٌ ولا طَلاقٌ؛ لأنَّ الشَّيءَ إذا لم يَكنْ صَحيحًا لَم يَترتَّبْ عليهِ شيءٌ كالبَيعِ الفاسِدِ، إلَّا أنْ يكونَ بلَفظِ طَلاقٍ أو نيَّتِه فيَقعُ طَلاقًا رَجعيًّا؛ لأنَّه طَلاقٌ لا عِوضَ فيهِ فكانَ رَجعيًّا كغيرِه، ولأنَّه يَصلحُ كِنايةً عن الطَّلاقِ، فإنْ لَم ينوِ بهِ طلاقًا لم يَكنْ شيئًا؛ لأنَّ الخُلعَ إنْ كانَ فَسخًا فالزَّوجُ لا يَملكُ فسْخَ النِّكاحِ إلَّا بعَيبِها، وكذلكَ لو قالَ: «فسَخْتُ النِّكاحَ» ولم يَنوِ به الطَّلاقَ لم يقَعْ شَيءٌ، بخِلافِ ما إذا دخَلَه العِوضُ فإنَّه مُعاوَضةٌ، ولا يَجتمعُ العِوضُ والمُعوَّضُ.
ولا يَصحُّ الخُلعُ بمُجرَّدِ بذلِ المالِ وقَبولِه مِنْ غيرِ لفظِ الزَّوجِ؛ لأنَّه تصرُّفٌ في البُضعِ بعِوضٍ، فلَم يَصحَّ بدُونِ اللَّفظِ كالنِّكاحِ والطَّلاقِ، ولأنَّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute