للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفسَّر الحَنفيَّةُ الغَبنَ بأنَّ ما يَدخُلُ تَحتَ تَقويمِ المُقوِّمينَ يَسيرٌ، وما لا ففاحِشٌ؛ لأنَّ ما لَم يَرِدِ الشَّرعُ بتَحديدِه يُرجَعُ فيه إلى العُرفِ، وقالَ الحَنفيَّةُ: يَكونُ ذلك رِفقًا بالنَّاسِ.

وتَفسيرُه كما لو وقَع البَيعُ بعَشَرةٍ مَثَلًا، ثم إنَّ بَعضَ المُقوِّمينَ يَقولُ: إنَّه يُساوي خَمسةً، وبَعضَهم: سَبعةً؛ فهذا غَبنٌ فاحِشٌ؛ لأنَّه لَم يَدخُلْ تَحتَ تَقويمِ أحَدٍ.

بخِلافِ ما إذا قالَ بَعضُهم: يُساوي ثَمانيةً، وبَعضُهم: تِسعةً، وبَعضُهم: عَشَرةٌ؛ فهذا غَبنٌ يَسيرٌ.

وإنَّما كانَتِ العِبرةُ بتَقويمِ المُقوِّمينَ؛ لأنَّهم هم الذين يُرجَعُ إلَيهم في العُيوبِ ونَحوِها مِنْ الأُمورِ التي تَقتَضي الخِبرةَ في المُعامَلاتِ (١).

وفسَّر المالِكيَّةُ الغَبنَ الفاحِشَ بأنَّه ما زادَ على الثُّلُثِ؛ لقولِ النَّبيِّ في الوَصيَّةِ: «الثُّلُثُ، والثُّلُثُ كَثيرٌ» (٢)، فقد وُصِفَ الثُّلُثُ بأنَّه كَثيرٌ، وقيلَ: الثُّلُثُ، وقيلَ: السُّدُسُ، وقيلَ: ما شَهِدتْ به العادةُ أنَّه ليسَ مِنْ الغَبنِ الذي يقعُ بينَ التُّجَّارِ.

شَرطُ ثُبوتِ الخِيارِ:

ويُشتَرطُ لِقيامِ خيارِ الغَبنِ أنْ يَكونَ المَغبونُ مُسترسِلًا وجاهِلًا بوُقوعِه في الغَبنِ عندَ التَّعاقُدِ، أمَّا إذا كانَ عالِمًا بالغَبنِ وأقدَمَ على التَّعاقُدِ فلا خيارَ له؛ لأنَّه أُتيَ مِنْ قِبَلِ نَفْسِه، فكَأنَّه أسقَطَ حَقَّه راضيًا.


(١) «رد المحتار» (٥/ ١٤٣).
(٢) رواه البخاري (٢٥٩٣)، ومسلم (١٦٢٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>