للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الفَرض قِتالًا -كما يَقولُ الغَزاليُّ-؛ فإنَّه يَترخَّصُ على أظهَرِ القَولَيْن، أو دخَل المُسلِمون أرضَ الحَربِ أو حاصَروا حِصنًا فيها، أو كانت المُحاصَرةُ لِلمِصرِ على سَطحِ البَحرِ؛ فإنَّ لِسَطحِ البَحرِ حُكمَ دارِ الحَربِ (١).

والدَّليلُ على ذلك ما رَواه ابنُ عَباسٍ : «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ غَزَا غَزْوَةَ الْفَتْحِ في رَمَضَانَ وصَامَ حتى إذا بَلَغَ الْكَدِيدَ، الْمَاءَ الذي بينَ قُدَيْدٍ وَعُسْفَانَ، أَفْطَرَ، فلم يَزَلْ مُفْطِرًا حتى انْسَلَخَ الشَّهْرُ» (٢).

ومَعلومٌ أنَّ الفَتحَ كان لِعَشرٍ بَقينَ من رَمضانَ، فعُلِم أنَّ النَّبيَّ أفطَر بمَكةَ عَشرةَ أيامٍ أو أحَدَ عَشَرَ على اختِلافِ الرِّواياتِ، ولا شَكَّ أنَّ فِطرَه في هذه المُدَّةِ لا يَنفي الفِطرَ فيما زاد عليهما؛ «ولأنَّه أَقَامَ بِتَبُوكَ عِشْرِينَ يَوْمًا يَقْصُرُ الصَّلاةَ» (٣).

ونَجِدُ أنَّ الفِطرَ كالقَصرِ الذي نَصُّوا عليه في صَلاةِ المُسافِرِ من حيثُ التَّرخيصُ؛ فإنَّ المُسافِرَ له سائِرُ رُخصِ السَّفرِ (٤).

ثالثًا: الحَملُ والرَّضاعُ:

اتَّفَق الفُقهاءُ على أنَّ لِلحامِلِ والمُرضِعِ أنْ تُفطِرا في رَمضانَ، إنْ خافَتا على نَفْسَيْهما أو على وَلَدَيْهما المَرضَ أو زيادَتَه، أو الضَّررَ أو


(١) «الدر المختار» (١/ ٥٢٩)، و «الاختيار» (٨٠)، و «القوانين الفقهية» (٥٩)، و «الإقناع بحاشية البجيرمي» (٢/ ١٥٤)، و «الوجيز» (١/ ٥٨، ٥٩)، و «الروض المربع» (١/ ٩٠).
(٢) أَخرَجه البخاري (٤٢٧٥).
(٣) حَدِيثٌ صَحِيحٌ: رواه ابن حبان في «صحيحه» (٦/ ٤٥٦).
(٤) «حاشية البجيرمي على شرح الإقناع» للخطيب (٢/ ١٥٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>