للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فهذا المَوضعُ الذي يُلزمونَ أَنفسَهم النَّظرَ بينهم فيه، فإذا نَظروا بينهم وبينَ مُسلمٍ حكَمُوا بحُكمِ المُسلِمينَ لا خِلافَ في شَيءٍ منه بحالٍ» (١).

وقالَ الإِمامُ أَبو الوَليدِ الباجيُّ : «وأمَّا اعتِبارُ إِسلامِه -أيْ: القاضِي- فلا خِلافَ بينَ المُسلِمينَ في ذلك» (٢).

وقالَ الإِمامُ ابنُ فَرحونَ : «قالَ القاضِي عياضٌ : وشُروطُ القَضاءِ التي لا يَتمُّ القَضاءُ إلا بها ولا تَنعقدُ الوِلايةُ ولا يُستدامُ عَقدُها إلا معَها عَشرةٌ: الإِسلامُ … فلا تَصحُّ مِنْ الكافرِ اتفاقًا» (٣).

حُكمُ تَوليةِ الكافرِ القَضاءَ لأَهلِ دينِه:

قالَ الإِمامُ الماوَرديُّ : «لا يَجوزُ أنْ يَكونَ الكافرُ قاضيًا على المُسلِمينَ، ولا على أَهلِ دينِه. وجوَّزَ أَبو حَنيفةَ تَقليدَه على أَهلِ دينِه، وأنفَذَ أَحكامَه وقبِلَ قَولَه في الحُكمِ بينهم، كما جوَّزَ شَهادةَ أَهلِ الذِّمةِ بعضِهم على بعضٍ اعتِبارًا بالعُرفِ الجارِي في تَقليدِهم، واحتِجاجًا بقَولِه تَعالى: ﴿لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ﴾ [المائدة: ٥١]. ولأنَّه لمَّا جازَتْ وِلايتُهم في المَناكحِ جازَتْ في الأَحكامِ.

ودَليلُنا: قَولُ اللهِ تَعالى: ﴿حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ (٢٩)[التوبة: ٢٩] ونُفوذُ الأَحكامِ يَنفي الصَّغارَ.


(١) «الأم» (٧/ ٤٢).
(٢) «المنتقى» (٥/ ١٨٣).
(٣) «تبصرة الحكام» (١/ ٢١).

<<  <  ج: ص:  >  >>