الشارِعُ نصَّ على تَحريمِ رِبا الفَضلِ في سِتَّةِ أعيانٍ، وهي: الذَّهبُ والفِضَّةُ والبُرُّ والشَّعيرُ والتَّمرُ والمِلحُ، كما في حَديثِ أبي سَعيدٍ ﵁ عن النَّبيِّ ﷺ أنَّه قالَ:«الذَّهبُ بالذَّهبِ، والفِضَّةُ بالفِضَّةِ، والبُرُّ بالبُرِّ، والشَّعيرُ بالشَّعيرِ، والتَّمرُ بالتَّمرِ، والمِلحُ بالمِلحِ، مِثْلًا بمِثْلٍ، يَدًا بيَدٍ، فمَن زادَ أو استَزادَ فقد أرْبَى، الآخِذُ والمُعطي فيه سَواءٌ»(١).
وفائِدةُ تَخصيصِ هذه الأشياءِ بالذِّكرِ أنَّ عامَّةَ المُعامَلاتِ يَومَئِذٍ كانَتْ بها على ما جاءَ في الحَديثِ: كُنَّا نَتبايَعُ في الأسواقِ بالأوساقِ. والمُرادُ به ما يَدخُلُ تَحتَ الوَسقِ ممَّا يَكثُرُ الحاجةُ إليه، وهي الأشياءُ المَذكورةُ.
واتَّفق العُلماءُ على تَحريمِ التَّفاضُلِ في هذه الأجناسِ مع اتِّحاد الجِنسِ، واتَّفَقوا أيضًا -أي: القائِلونَ بالقياسِ- على أنَّ ثُبوتَ الرِّبا فيها بعِلَّةٍ، وأنَّه يثبُتُ في كلِّ ما وُجِدتْ فيه عِلَّتُها؛ لأنَّ القياسَ دَليلٌ شَرعيٌّ، فيَجِبُ استِخراجُ عِلَّةِ هذا الحُكمِ وإثباتُه في كلِّ مَوضِعٍ وُجِدتْ عِلَّتُه فيه.
ثُمَّ اختَلَفوا بعدَ ذلك في المَعنَى الذي يَتعدَّى الحُكمُ به إلى سائِرِ الأموالِ على أربَعةِ أقوالٍ:
القَولُ الأوَّلُ: هو قَولُ الحَنفيَّةِ والحَنابِلةِ في المَذهبِ أنَّ عِلَّةَ الرِّبا في هذه الأصنافِ التي نصَّ عليها النَّبيُّ ﷺ هي الكَيلُ أو الوَزنُ، فكلُّ