للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٨ - الرَّدُّ بالعَيبِ:

اتَّفق فُقهاءُ المَذاهبِ الأربَعةِ الحَنفيَّةُ والمالِكيَّةُ والشافِعيَّةُ والحَنابِلةُ على أنَّه يَجوزُ لِلعامِلِ أنْ يَرُدَّ سِلعةً مِنْ سِلعِ القِراضِ لِأجلِ عَيبٍ فيها، ولا كَلامَ لِرَبِّ المالِ في ذلك؛ لِتَعلُّقِ حَقِّ العامِلِ بالزِّيادةِ التي في السِّلعةِ.

قال الحَنفيَّةُ: حُقوقُ العَقدِ في الشِّراءِ والبَيعِ تَرجِعُ إلى المُضارِبِ، لا إلى رَبِّ المالِ؛ لأنَّ المُضارِبَ هو العاقِدُ، فهو الذي يُطالِبُ بتَسليمِ المَبيعِ، ويُطالِبُ بتَسليمِ الثَّمنِ ويَقبِضُ المَبيعَ والثَّمنَ، ويَرُدُّ بالعَيبِ ويُرَدُّ عليه، ويُخاصَمُ؛ لِما قُلنا.

ولو اشتَرى المُضارِبُ عَبدًا مَعيبًا قد عَلِم رَبُّ المالِ بعَيبِه ولَم يَعلَمْ به المُضارِبُ فلِلمُضارِبِ أنْ يَرُدَّه ولو كان عَلِم بالعَيبِ، ولَم يَعلَمْ به رَبُّ المالِ لَم يَكُنْ لِلمُضارِبِ أنْ يَرُدَّه؛ لأنَّ حُقوقَ العَقدِ تَتعلَّقُ بالمُضارِبِ، لا برَبِّ المالِ، فيُعتبَرُ عِلمُ المُضارِبِ لا عِلمُ رَبِّ المالِ.

ولو اشتَرى عَبدًا فظهَر به عَيبٌ فقال رَبُّ المالِ بعدَ الشِّراءِ: «رَضيتُ بهذا العَبدِ بطَل الرَّدُّ»؛ لأنَّ المِلكَ لِرَبِّ المالِ؛ فإذا رَضيَ به فقد أبطَل حَقَّ نَفْسِه.

ولو أنَّ رَبَّ المالِ دفَع إليه ألفَ دِرهَمٍ مُضارَبةً على أنْ يَشتريَ بها عَبدَ فُلانٍ بعَينِه ثم يَبيعَه، فاشتَراه المُضارِبُ ولَم يَرَه فليس له أنْ يَرُدَّه بخيارِ الرُّؤيةِ، ولا بخيارِ العَيبِ؛ لأنَّ أمرَه بالشِّراءِ بعدَ العِلمِ رِضًا منه بذلك العَيبِ، فكأنَّه قال بعدَ الشِّراءِ: «قد رَضيتُ»، بخِلافِ ما إذا أمَرَه بشِراءِ عَبدٍ

<<  <  ج: ص:  >  >>