للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إِحياءُ الذِّميِّ للمَواتِ:

اتَّفقَ الفَقهاءُ على أنَّ الإِحياءَ المَذكورَ إنَّما هو للمُسلمِ خاصَّةً، واختَلفوا في الذِّميِّ هل يَجوزُ له إِحياءُ المَواتِ ويَشتركُ مع المُسلمِ في حكمِ الإِحياءِ؟ أم أنَّ الإِحياءَ خاصٌّ بالمُسلمِ دونَ الذِّميِّ؟

فذهَبَ جُمهورُ الفَقهاءِ الحَنفيةِ والمالِكيةِ والحَنابلةِ في المَذهبِ إلى أنَّه لا فَرقَ بينَ المُسلمِ والذِّميِّ في إِحياءِ المَواتِ، فيَجوزُ للذِّميِّ أنْ يُحييَ المَواتَ؛ لعُمومِ قولِ النَّبيِّ : «مَنْ أَحيا أرضًا مَيتةً فهي له» (١)، ولأنَّ هذه جِهةٌ مِنْ جِهاتِ التَّمليكِ فاشتَركَ فيها المُسلمُ والذِّميُّ كسائرِ جِهاتِه، ولأنَّ الذِّميَّ مِنْ أهلِ دارِ الإِسلامِ تَجرِي عليه أَحكامُها ويَمتلكُها كما يَملكُها بالشراءِ، ويَملكُ مُباحاتِها مِنْ الحَشيشِ والحَطبِ والصّيودِ والرِّكازِ والمَعدِنِ واللُّقطَةِ، وهي مِنْ مَرافقِ دارِ الإِسلامِ.

ولأنَّ الإِحياءَ سَببُ الملكِ فيَستوِي فيه المُسلِمُ والذِّميُّ كسائرِ الأَسبابِ (٢).


(١) حَدِيثٌ صَحِيحٌ: رواه أبو داود (٣٠٧٣)، والترمذي (١٣٧٨)، والنسائي في «الكبرى» (٥٧٦١).
(٢) «الهداية» (٤/ ٩٩)، و «الاختيار» (٣/ ٨٣)، و «مختصر الوقاية» (٢/ ٢٠٠)، و «الجوهرة النيرة» (٤/ ٢٢٢)، و «اللباب» (١/ ٦٨٢)، و «الإشراف على نكت مسائل الخلاف» (٣/ ٢٤٠)، رقم (١٠٨٧)، و «المنتقى» (٦/ ٢٩)، و «الشرح الكبير مع حاشية الدسوقي» (٥/ ٤٤٤)، و «تحبير المختصر» (٤/ ٦٢٨، ٦٢٩)، و «حاشية الصاوي» (٩/ ١٢٥)، و «المغني» (٥/ ٣٢٩، ٣٣٠)، و «الشرح الكبير» (٦/ ١٥٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>