للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فإنَّه يَلزمُه أن يَقومَ ويَبنيَ على ما تَقدَّم، خِلافًا لِمُحمدِ بنِ الحَسنِ في قولِه: تبطُلُ صَلاتُه؛ لأنَّه قدَر على القِيامِ في مَوضِعِ القِيامِ، فوجبَ أن يَقومَ ويَبنيَ، وأصلُه: القادِرُ على القِيامِ إذا جلسَ لِلتشهُّدِ الأوَّلِ وفرغَ منه فإنَّه يَقومُ ويَبني على صَلاتِه، ولأنَّ ما مَضى مِنْ صَلاتِه كانَ جائِزًا على حَسَبِ قُدرَتِه، فوجبَ ألَّا تبطُلَ بتَغيُّرِ حالِه، كما لو قدَر على القِيامِ ثم عجَز عنه في بعضِ الصَّلاةِ فقَعد (١).

ورُكنُ القِيامِ خاصٌّ بالفَرضِ مِنْ الصَّلواتِ دونَ النَّفلِ؛ لقولِ النَّبيِّ : «مَنْ صلَّى قائِمًا فَهو أَفضَلُ، وَمَنْ صلَّى قاعِدًا فلَه نِصفُ أَجرِ القائِمِ، وَمَنْ صلَّى نَائِمًا فلَه نِصفُ أَجرِ القاعِدِ» (٢).

الصَّلاةُ في السَّفينةِ:

قد تَقدَّم أنَّ القيامَ رُكنٌ مِنْ أركانِ الصَّلاةِ، إلا أنَّ العُلماءَ قد اختَلَفوا في المُصلِّي في السَّفينةِ هل يَجوزُ له تَركُ القِيامِ مع قُدرَتِه عليه أو لا يَجوزُ؟

فَذَهب الأئمَّةُ الثَّلاثةُ مالِكٌ والشافِعيُّ وأحمدُ والصَّاحِبانِ مِنْ الحَنفيَّةِ إلى أنَّه لا يَجوزُ تَركُ القِيامِ فيها، إلا ألَّا يقدِرَ على القِيامِ، لقولِ النَّبيِّ : «فَإِنْ لم تَستَطِع فَقاعِدًا» (٣)، وهذا مُستَطيعٌ لِلقِيامِ، ورُويَ أنَّ النَّبيَّ سُئلَ عن الصَّلاةِ في السَّفينةِ، فقالَ: «صَلِّ فيها قائِمًا،


(١) «الإشراف على نُكت مسائل الخلاف» (١/ ٣٦٥، ٣٦٦) رقم (٢٨٠، ٢٨١).
(٢) رواه البخاري (١٠٦٤).
(٣) حَدِيثٌ صَحِيحٌ: تَقَدَّمَ.

<<  <  ج: ص:  >  >>