الرُّكنُ الثَّاني: العاقِدانِ:
اتَّفقَ الفُقهاءُ على أنَّه يُشترَطُ في العاقِدَيْنِ في المُساقاةِ والمُزارَعةِ أنْ يَكونا جائِزَيِ التَصرُّفِ؛ لأنَّ كُلًّا مِنهما عَقْدُ مُعاوَضةٍ ومُعامَلةٌ على المالِ، فعُدَّ لَها ذلك كالبَيعِ والإجارةِ والقِراضِ.
وأمَّا المَحجورُ عليه لِصِغَرٍ أو جُنونٍ -وكَذا لِسَفَهٍ عندَ مَنْ يَقولُ بالحَجرِ على السَّفيهِ- فلا يَصحُّ أنْ يُساقَى ولا أنْ يُزارَعَ؛ لأنَّ العَقلَ شَرطُ أهليَّةِ التَصرُّفاتِ، فيَقومُ وَلِيُّه عَنه بذلك عندَ المَصلَحةِ لِلِاحتياجِ إلَيه، ولِبَيتِ المالِ مِنْ الإمامِ ولِلوَقفِ مِنْ ناظِرِه، كَما يَقولُ الشافِعيَّةُ.
وأمَّا البُلوغُ فليسَ بشَرطٍ لِجَوازِ المُزارَعةِ والمُساقاةِ عندَ الحَنفيَّةِ، خِلافًا لِلجُمهورِ، حتى مُزارَعةُ الصَّبيِّ المَأْذونِ ومُساقاتُه دَفعًا واحِدًا تَجوزُ عِندَهم؛ لأنَّ المُزارَعةَ استِئجارٌ ببَعضِ الخارِجِ، ولأنَّ الصَّبيَّ المَأْذونَ يَملِكُ الإجارةَ؛ لأنَّها تِجارةٌ؛ فيَملِكُ المُزارَعةَ (١).
(١) «بدائع الصنائع» (٦/ ١٧٦)، و «الهندية» (٥/ ٢٣٥)، و «روضة الطالبين» (٣/ ٧٦٩)، و «مغني المحتاج» (٣/ ٣٦٢)، و «نهاية المحتاج» (٥/ ٢٧٩، ٢٨٠)، و «النجم الوهاج» (٥/ ٢٩١)، و «الديباج» (٢/ ٤٤٣)، و «كنز الراغبين» (٣/ ١٤٦، ١٤٧)، و «كشاف القناع» (٣/ ٦٢٤)، و «شرح منتهى الإرادات» (٣/ ٦٠٢، ٣٠٣)، و «مطالب أولي النهى» (٣/ ٥٥٩).
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute