اتَّفقَ الفُقهاءُ على أنَّه يَجوزُ التِقاطُ غيرِ الحَيوانِ، وهو الجَمادُ كالنُّقودِ والثِّيابِ والطَّعامِ وغيرِها، وحُكمُها كما مرَّ بالتَّفصيلِ أنَّه يَجبُ تَعريفُها حَولًا ثُم يَتملكُها بعدَ الحَولِ، وإنْ جاءَ صاحِبُها فيَدفعُها إليه عِنْدَ عامَّةِ الفُقهاءِ، وقد تَقدمَ بيَانُ كلِّ هذا مُفصَّلًا.
التِقاطُ ما يُسرعُ إليه الفَسادُ كالطَّعامِ:
نصَّ الفُقهاءُ على أنَّ المُلتقطَ إذا التقَطَ ما يُسرعُ إليه الفَسادُ مِنْ الطَّعامِ وغيرِه أنَّه يُعرِّفُه في المَكانِ الذي وجَدَه فيه، فإنْ خشِيَ عليه الفَسادَ أكَلَه أو باعَه وحفِظَ ثَمنَه.
قالَ الحَنفيةُ: إنْ كانَت اللُّقطةُ شَيئًا لا يَبقى كالأَطعمةِ المُعدَّةِ للأَكلِ كاللَّحمِ واللَّبنِ والفَواكهِ الرَّطبةِ ونحوِها عرَّفَه إلى أنْ يَخافَ فَسادَه، ثُم يَتصدقُ به خَوفًا مِنْ الفَسادِ، وفيه نَظرٌ لصاحِبِها دُنيا وأُخرى، وله أنْ يَنتفعَ بها لو فَقيرًا، فإنْ جاءَ صاحِبُها بعدَما تَصدقَ بها فهو بالخِيارِ، إنْ شاءَ أَمضى الصَّدقةَ وله ثَوابُها، وإنْ شاءَ ضمَّنَ المُلتقِطَ، وإنْ شاءَ ضمَّنَ المِسكينَ إذا هلَكَ في يدِه، وإذا كان قائِمًا أخَذَه.